هايتي أزمة مُهْمَلة... وتحديات الأمن الغذائي تقلق الدول النامية مؤشرات الأزمة الإنسانية في ليبيا، وأسعار الغذاء تشكل تهديداً للدول النامية، والمجتمع الدولي بحاجة إلى تكثيف دعمه لهايتي، وتدفق اللاجئين يضع الأستراليين والأوروبيين في مأزق... موضوعات نضعها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. أزمة إنسانية خصصت "تشينا ديلي" الصينية افتتاحيتها يوم الأحد الماضي، لرصد رؤيتها للمشهد الليبي، قائلة إن الوضع الإنساني في ليبيا يزداد سوءاً، وهذا ليس ما كان متوقعاً خاصة بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، الصادر قبل قرابة شهرين... الآن وحتى بعد دعوة "فاليري آموس"، مبعوث الأمم المتحدة للإغاثة وقف العمليات القتالية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، لأن المعارك أجبرت ما يزيد على 746 ألف ليبي على الفرار إلى البلدان المجاورة، والبقاء بها كلاجئين، ناهيك عن تشريد 65 ألفاً آخرين... وتشير الصحيفة إلى معاناة المدنيين الأبرياء من نقص الوقود والسلع، وثمة أنباء عن غرق 1400 مهاجر ليبي أثناء محاولتهم عبور مياه البحر المتوسط في اتجاه أوروبا، وهذا يعني أنه كلما تواصلت المعارك، كلما ازدادت الحالة الإنسانية سوءاً... وتحذر الصحيفة من أن تكثيف الضربات الجوية سيقلل من احتمالات نزوع الأطراف المتحاربة إلى التفاوض، وهذا سيلحق الضرر بالجهود الرامية لإحلال السلام... ليبيا- والكلام للصحيفة- قد تصبح صومالاً آخر، مالم يتم وقف القتال والحيلولة دون انزلاق البلاد في أتون حرب أهلية... وهذا ما حذر منه وزير الخارجية الليبي السابق موسى كوسا... كما أن الحرب الأهلية في حال طال أمدها ستشكل خطراً واضحاً على مصالح الليبيين، وستزعزع في الوقت نفسه المشهد السياسي في الشرق الأوسط. وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن قرار الأمم المتحدة استخدم كل "المعايير الضرورية" لحماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إليهم، لكن لسوء الحظ، منذ أن بدأت عمليات "الناتو" فقد المزيد من المدنيين أرواحهم، وازدادت الحالة الإنسانية سوءاً... الأمن الغذائي تحت عنوان "المخاوف الغذائية تصيب الدول النامية مجدداً"، نشرت "جابان تايمز" اليابانية يوم الخميس الماضي مقالاً لـ"جومو كوامي سيندرام"، أشار خلاله إلى أنه نادراً ما يكون نقص الغذاء هو السبب في تعرض الناس للجوع، فالعالم اليوم ينتج ما يكفي سكانه من الغذاء، المشكلة أن المزيد من البشر أصبحوا غير قادرين على شراء ما يحتاجونه من غذاء. وحتى قبل حدوث أزمات مالية كان قرابة مليار شخص يعاني من جوع مزمن، وملياران آخران يعانون سوء التغذية، ليصل بذلك عدد من يعانون فقدان الأمن الغذائي إلى 3 مليارات نسمة، أي قرابة نصف عدد سكان العالم. الكاتب، وهو مساعد أمين عام الأمم المتحدة لشؤون التنمية الاقتصادية، يرى أن أسعار الغذاء في أعلى مستوياتها على الصعيد العالمي، وذلك منذ أن بدأت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة مراقبة تلك الأسعار في عام 1990. وتشير تقديرات البنك الدولي، إلى أن الزيادات الأخيرة في أسعار المواد الغذائية، ستدفع قرابة 144 مليون فرد من شعوب العالم النامي نحو الفقر. الزيادة المشار إليها طالت الحبوب الأساسية كالذرة والقمح وحبوب الصويا وزيوت الطعام، وهو ما يحمل معه آثاراً مدمرة على الفقراء في كافة أنحاء العالم. وحسب "جومو"، يتباطأ نمو المعروض من الغذاء، بينما يتنامى الطلب عليه، في ظل زيادة عدد السكان، وزيادة استخدام المحاصيل الزراعية في تغذية الثروة الحيوانية. لكن ثمة ما يفاقم المشكلة، ألا وهو تراجع الدعم الرسمي للتنمية الزراعية في البلدان النامية. وضمن هذا الإطار، تراجعت هذه المساعدات إلى النصف خلال 25 عاماً، حيث قدم البنك الدولي قروضاً للتنمية الزراعية خلال الثمانينيات بمقدار 7.7 مليار دولار، وتراجع الدعم ليصل في 2004 إلى ملياري نسمة. ومع انخفاض التمويل الخاص بالمساعدات الزراعية، تراجعت البحوث المعنية بتطوير الإنتاج الزراعي، ما أدى إلى تراجع إنتاجية المحاصيل الزراعية في البلدان النامية. كارثة منسية تحت عنوان "أزمة "هايتي المُهْمَلة"، نشرت "تورونتو ستار" الكندية، يوم السبت الماضي، افتتاحية رأت خلالها أن تولي "مايكل مارتلي" مقاليد السلطة في هايتي وأداءه القسم رئيساً للبلاد، يُشكل في حد ذاته فرصة نادرة للأمل في هذا البلد الجريح. لكن ثمة ما يعكر الأجواء ألا وهو انتشار وباء الكوليرا، حيث بلغ عدد المصابين به قرابة 300 ألف نسمة، لقي 5 آلاف منهم حتفهم جراء المرض، وتتنامى حصيلة المصابين، لاسيما في موسم الأمطار التي تزيد من فرص انتقال الوباء عبر المياه الملوثة. وحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن الزلزال الذي ضرب هايتي في 12 يناير 2010 أودى بحياة 220 ألف نسمة، وألحق الدمار بجميع المدن الهايتية، لكن بعد مرور أكثر من عام على الكارثة، لايزال 700 ألف نسمة يعيشون في مخيمات، ناهيك عن شح المياه، والافتقار إلى المرافق الصحية، حيث في بعض المخيمات يضطر، مئات الأفراد إلى الاشتراك في دورة مياه واحدة. ولقد طالبت الأمم المتحدة بمساعدات عاجلة لهايتي قدرها 175 مليون دولار، لمحاربة وباء الكوليرا، لكن نصف هذا المبلغ تم جمعه، واللافت أيضاً أن هايتي تحتاج إلى 900 مليون دولار لتلبية احتياجاتها العاجلة، غير أن المبلغ الذي تم جمعه حتى الآن لم يتجاوز الـ200 مليون دولار، ولم يتم صرف أية مبالغ على التعليم أو الزراعة أو التعافي الاقتصادي، وتنوه الصحيفة إلى أن التحولات العربية الراهنة وأزمة اليابان النووية، ومقتل أسامة بن لادن كلها تطورات شتتت انتباه العالم بعيداً عن هايتي. لاجئون سياسيون "خلال الأسبوع الماضي، وصل 1281 لاجئاً سياسياً إلى أستراليا عبر البحر، وهذا العدد يشكل نسبة ضئيلة من إجمالي المشردين في العالم والبالغ عددهم 40 مليون نسمة"... هذه العبارة وردت في افتتاحية "سيدني مورنينج هيرالد" الأسترالية يوم السبت الماضي. الصحيفة تقول إن عدد طلبات اللجوء السياسي المقدمة إلى أستراليا خلال 2010 وصلت إلى 8250 طلباً، وهو عدد أقل بمقدار الثلث عن عدد طالبي اللجوء في عام 2001، علماً بأن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، وضعت أستراليا في المرتبة الـ15 في قائمة الدول المتقدمة الأكثر استقبالاً للاجئين. المفوضية ذاتها أصدرت تقريراً مفاده أن عدد طالبي اللجوء على الصعيد العالمي قد تراجع خلال العقد الماضي، حيث شهد العام الماضي 358 ألف لاجئ، وهذا العدد أقل من نظيره في عام 2009 بنسبة 5 في المئة، وأقل بمقدار النصف عما كان عليه عدد اللاجئين مطلع العقد الماضي أي في 2001، الذي وصل آنذاك إلى 620 ألف طلب لجوء. الصحيفة رصدت ردود الفعل الأوروبية على موجات النازحين صوب أوروبا جراء الوضع المتأزم في ليبيا وقبلها تونس، فهذه الموجات أججت غضب التيارات والأحزاب السياسية الأوروبية اليمينية الرافضة للهجرة، وضمن هذا الإطار فرضت الدنمارك قيوداً أحادية على انتقال المسافرين عبر حدودها مع ألمانيا والسويد، وهذا يعد تجاوزاً لاتفاقية تشينجن التي تسمح بحرية انتقال المسافرين عبر دول الاتحاد الأوروبي. الخطوة الدانماركية تعزز دور حكومة "يمين الوسط" التي تنشد الآن دعماً برلمانياً من حزب "الشعب الدنماركي" المعادي للمهاجرين، ويبقى السؤال ما إذا كانت أوروبا وأستراليا ستستسلمان للخوف عندما تفتقد قيادتهما إلى الشجاعة في مواجهة دعاة ومثيري أجواء الخوف. إعداد: طه حسيب