بعد سنوات من التحذيرات، بأن واشنطن قد باتت معرضة لوقوع هجوم إلكتروني يمكن أن يؤدي لتدمير مباني المدينة، ويمحو بيانات البنوك، ويدمر شبكات الطاقة الكهربائية، قال البيت الأبيض إنه سيطلب من أصحاب الصناعات، وضع معايير لتأمين شبكات الكمبيوتر، التي تُشغّل البنية الأساسية الحيوية للبلاد. ويزود المقترح المقدم من البيت الأبيض في هذا الشأن كلاً من الولايات ومشغلي محطات الطاقة، والشبكات الكهربائية وغيرها من مرافق البنية الأساسية الحيوية، بالمساعدة اللازمة من وزارة الأمن الداخلي من أجل بناء دفاعات أفضل، وعلاج الأضرار التي يمكن أن تترتب على الهجمات الإلكترونية. ومع أن الأجهزة الاستخباراتية الأميركية، و"البنتاجون" قد انفقوا مليارات الدولارات لتغطية نفقات حراسة شبكاتهم الخاصة ضد الهجمات الإلكترونية، فإن ما يقدر بـ90 في المئة من البنية الأساسية الحيوية في الولايات المتحدة ما تزال مملوكة من قبل كيانات خاصة. وما تنويه وزارة الأمن الداخلي في الوقت الراهن هو العمل مع أولئك المشغلين الخصوصيين من خلال شراكات عامة - خاصة من أجل حماية أنظمتها- بحسب المسؤولين. والمقترح المقدم من البيت الأبيض، الذي يأتي بعد عامين من التاريخ الذي أعلن فيه أوباما أن التهديد الإلكتروني"يعتبر واحداً من أخطر التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في المجال الاقتصادي ومجال الأمن القومي" لقي ثناء فاتراً من الديمقراطيين في الكونجرس، ونقداً لاذعاً من بعض خبراء الأمن القومي: "سوف أسمي هذا شاياً خفيفاً، وإنْ كنت غير متأكد بعد من أن كيس الشاي قد لامس قعر الفنجان أم لا"، كان هذا ما قاله عن المقترح "ستيوارت بيكر" المحامي الذي شغل من قبل أعلى المناصب في وزارة الأمن الداخلي، ووكالة الأمن الوطني، التي ترصد الاعتداءات التي تقع على شبكات الكمبيوتر من الخارج. وقال"آلان بالر" مدير الأبحاث في معهد"أس. إيه. أن. أس" في بيثيسدا - ميريلاند، المتخصص في الأمن والتعليم المعلوماتي، إن المقترح المذكور سوف يمثل تطويراً مهماً، وعاملاً جيداً مساعداً على إنجاز المزيد من الخطوات في هذا المجال. وقال بالر"باعتباري الشخص المختص بهذا الموضوع في الحكومة فإنني أرى أنها قادرة على فعل المزيد في مجال الأمن المعلوماتي"، وأضاف:"ولكن مشروع القرار هذا هو الذي سيؤدي لإحداث تغيير جذري على الطريقة التي تقوم بها الأجهزة الفيدرالية بتأمين منظوماتها"، (يشير بالر بذلك إلى الخطة التي قدمها البيت الأبيض، والتي يرى أنها مجدية، إذا ما أُخذ في الاعتبار الانقسام الموجود في الكونجرس في الوقت الراهن). ويُشار إلى أن المقترح المقدم من أوباما سوف ينضم إلى 50 مشروع قانون يتعلق بأمن شبكة الكمبيوتر، ما زالت معلقة في الكونجرس في انتظار البت فيها. ويُشار إلى أن الخبراء يجرون منذ مدة تجارب على سيناريوهات هجوم تؤدي إلى إلحاق ضرر فادح ببنية الولايات المتحدة التحتية، وأسواقها، بما في ذلك سيناريوهات تتعلق بهجمات إلكترونية تسبب تحطم القطارات في الأنفاق، وانفجار خطوط أنابيب النفط والغاز، وتدمير مولدات الطاقة الكهربائية. يُشار إلى أن"ستكسنت"، وهي "دودة أنترنتية" يعتقد أنها دمرت بعضاً من وحدات الطرد المركزي النووية الإيرانية العام الماضي، قد أطلقت من قبل الولايات المتحدة، أو إسرائيل كما يعتقد وهو ما دفع إيران إلى التهديد بشن هجوم انتقامي. يعلق "جوزيف وايس" خبير منظومات المراقبة الصناعية التي تدير محطات الطاقة الكهربائية وشبكات الكهرباء المعرضة للهجمات التي يمكن أن تُشن من أي جهة، يرد على التهديدات الإيرانية بقوله:"نحن لا نستطيع صد مثل تلك الهجمات بالمعايير العادية المتبعة لدينا". من ناحية أخرى يرى الخبراء أن تنظيم "القاعدة" لا يتمتع - حتى الآن - بالقدرات التي تمكنه من شن تلك الهجمات، ولكن روسيا والصين في رأيهما أنه يقدر على ذلك بالطبع، وهو ما ينطبق أيضاً على الجماعات الإجرامية التي يمكن أن تبيع خدماتها لمن يدفع أكثر - كما يقولون. يشار أيضاً إلى أن الهجمات الإلكترونية قد استخدمت في الجريمة والجاسوسية، كما يُشار إلى أن الحكومات الأجنبية والشبكات الإجرامية، تسرق الملكيات الفكرية بمعدلات تفوق الحصر. (قدر أوباما في بيان له الخسائر الناجمة عن السرقات الرقمية بما يزيد عن تريليون دولار سنوياً). ومقترح الإدارة يحاول معالجة تلك المشكلة على عدد من الجبهات. فهو يتطلب من وزارة الأمن الداخلي أن تعمل مع الصناعة من أجل التنسيق مع مشغلي مرافق البنية التحتية الحرجة ولكي تقوم" بترتيب التهديدات الإلكترونية ومواطن التعرض والانكشاف لهؤلاء المشغلين من حيث الأولوية، وفقاً للبيانات الواردة في مذكرة حقائق مقدمة من البيت الأبيض. ويُشار إلى أن المقترح المقدم لا يؤدي إلى توسيع صلاحياته بالاستيلاء على شرائح واسعة من شبكات الولايات في حالة وقوع هجوم إلكتروني كبير ضد مشروعات بنية أساسية حيوية. وقد عبر "الديمقراطيون" في مجلس الشيوخ عن اهتمامهم بتمرير مشروع قانون لمواجهة الهجمات الإلكترونية، بيد أنه ليس من الواضح ما إذا كان مجلس النواب الذي يسيطر عليه "الجمهوريون" سيحذو حذوهم أم لا. بيد أن هناك شيئاً واحداً واضحاً وهو: بما أن الهجمات ضد الشركات التابعة للحكومة الفيدرالية قد ازدادت بنسبة 650 في المئة، فالمتوقع أن يزداد الإنفاق الفيدرالي على الأمن المعلوماتي بنسبة 9.1 في المئة سنويًا، بحيث يصل إلى 13.3 مليار على مدى السنوات الأربع القادمة، وفقا لبيانات "إنبوت" وهي مؤسسة أبحاث حكومية مختصة ببرامج الأمن المعلوماتي تتخذ من مدينة "ريستون" في فيرجينيا مقراً لها. -------- كن ديلانيان ودبليو جيه هينيجان كاتبان متخصصان في الشؤون العلمية -------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم.سي.تي إنترناشيونال"