لم يغب على المراقب لردود الفعل الشعبية والنخبوية في دول الخليج العربي، عبر وسائل الإعلام، على خبر ترحيب قادة القمة التشاورية لمجلس التعاون الخليجي بطلب المملكة الأردنية الهاشمية للانضمام إلى المجلس ودعوة المملكة المغربية إلى الانضمام للمنظومة الخليجية، وجود تباين في آراء الخليجيين بين الترحيب والتحفظ. وإن كان هناك قبول للفكرة بشكل عام إلا أنه مشوب بالعديد من التحفظات على دوافع الانضمام، والتبعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليه. وقد يكون للظروف الاستثنائية وحال عدم الاستقرار الذي اجتاح العالم العربي بعد اندلاع الاحتقانات الشعبية التي كان معظمها في الأنظمة الجمهورية القائمة على سلطة الحزب الواحد، كان لذلك الدافع الأكبر، في نظـر البعض، تجاه اتخاذ الدول الخليجية هذه الخطوة بدعوة كل من الأردن والمغرب للانضمام للمجلس، وذلك لوضع إطار سياسي يضم النظامين، والتنسيق فيما بينها سياسيّاً واقتصاديّاً وأمنيّاً تجاه ما قد تحمله الأيام المقبلة من مفاجآت، خاصة مع وجود تدخلات لقوى إقليمية. مفهومٌ ألّا تكون متطلبات التنسيق السياسي والأمني والعسكري بين دول مجلس التعاون الست والمنظومة الجديدة إذا ما انضم الأردن والمغرب، هو الدافع الوحيد للدعوة إلى الانضمام، لأن الشق الأمني أو العسكري على رغم أهميته يبقى جزءاً، وليس هو كل العمل الخليجي المشترك. ويأمل أبناء الخليج أن يحقق مجلس التعاون الخليجي طموحاتهم التي تأسس المجلس من أجلها قبل ثلاثة عقود. فقد حدد النظام الأساسي للمجلس أهدافاً عامة تتمثل في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين، وصولًا إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين. فالوحدة الخليجية المنشودة ولو في إطارها الكونفدرالي العام، كوجود جواز سفر خليجي واحد وعملة واحدة وسياسة اقتصادية وتعليمية واحدة، لم تتحقق حتى اليوم، وقد لا تتحقق في المستقبل القريب نظراً لظهور عوائق كثيرة، إلا أنها قد تصبح أبعد من الحلم بانضمام الأردن والمغرب. فعلى رغم وجود العديد من القواسم المشتركة بين دول التعاون الست فقد ظهرت تحديات حقيقية في مسيرة العمل الخليجي، وهناك مشاريع تعثرت مثل العملة الموحدة والهوية الموحدة، وفي المقابل مشاريع تتجه نحو الإنجاز مثل مشروع القطار الخليجي والربط الكهربائي. وكل هذا يتطلب عملاً متواصلاً، فهل سيكون انضمام الأردن والمغرب استثماراً للعديد من الأوراق، وإعادة ترتيب حسابات لهذه المشاريع؟ وهل السؤال المشروع هذا يعني تأخر تحقيق الوحدة الخليجية التي طالما حلم بها أبناء الخليج؟ يتساءل أبناء الخليج عن طبيعة الانضمام هل سيكون جزئيّاً أم كليّاً؟ وهل مجالات التعاون ستقتصر على التعاون الأمني والعسكري يقدمها كل من الأردن والمغرب مقابل مساعدات ومشاريع تنموية خليجية لهما؟ وما هي التبعات السياسية الاقتصادية والاجتماعية المترتبة؟ وكيف سيتم التعامل مع الاختلاف في النواحي الثقافية والديمغرافية خاصة بين العرب في المشرق والمغرب؟ ستكشف الأيام المقبلة عن الكثير من التساؤلات والاستفسارات التي تدور ليس فقط في أذهان أبناء الخليج ومثقفيهم، وإنما بالنسبة للأشقاء في الأردن والمغرب. فالجميع بانتظار ما ستتمخض عنه اللقاءات لاستيفاء متطلبات انضمام الأردن إلى المجلس، فيما يرى البعض أن الموقف المغربي على رغم ترحيبه بالدعوة الخليجية أقل حماسة من الأردن في الانضمام.