إن العلاقات التجارية والاستثمارية الجيدة التي ترتبط بها دولة الإمارات مع كل من الصين والهند توفر فرصة جيدة للاقتصاد الوطني للاستفادة من مرحلة النمو والازدهار الاقتصادي السريع الذي تعيشه هاتان الدولتان صاحبتا أكبر اقتصادين صاعدين على مستوى العالم وأكثرهما نمواً في الوقت الحالي، وهما أيضاً القوتان الاقتصاديتان اللتان يعوّل عليهما في دفع الاقتصاد العالمي نحو التعافي، هذه هي النتيجة التي توصّلت إليها مؤسسة "الإيكونوميست" في تقرير حديث لها، حيث رجّحت هذه المؤسسة أن تحتل دولة الإمارات المرتبة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط بين أكبر المستفيدين من ازدهار أسواق الاقتصادات الناشئة في السنوات المقبلة. ليس الارتباط بالتجارة والاستثمار مع اقتصادات آسيا الصاعدة بما فيها الصين والهند هو فقط ما يتيح للإمارات فرصة الاستفادة من الازدهار المتوقع لهذه الاقتصادات، بل إن الاقتصاد الإماراتي بذاته يتمتّع بعدد من المزايا التي تضعه في قلب الاقتصادات الأوفر حظاً في هذا الشأن، وعلى رأس هذه المزايا التعافي الحقيقي الذي بدت معالمه واضحة على الاقتصاد الوطني في الآونة الأخيرة. وهناك العديد من المؤشرات الدالة على بداية التعافي الحقيقي في الاقتصاد الإماراتي، بداية بتقديرات معدّلات النمو الاقتصادي المتوقع أن تحقّقها الدولة خلال العام الجاري، التي لا تنخفض بأي حال من الأحوال عن نحو 4.5 في المئة أو 5 في المئة وفقاً لتقديرات "وزارة الاقتصاد" الإماراتية وعدد من المنظمات والمؤسسات الدولية كمؤسسة "الإيكونوميست" و"صندوق النقد الدولي"، وهو ما يشير إلى اقتراب الاقتصاد الوطني من النمو بمعدّلات تقترب كثيراً من معدّلات ما قبل "الأزمة المالية العالمية". وهناك العديد من الدلالات الأخرى التي تشير بالفعل إلى أن هذا التعافي، قد بدأ في التحقق على أرض الواقع، ومن بين هذه الدلالات ذلك النمو الذي شهدته التجارة الخارجية غير النفطية للدولة خلال شهر يناير الماضي، الذي بلغ وفقاً لبيانات "الهيئة الاتحادية للجمارك" نحو 22 في المئة مقارنة بمستواها في الشهر نفسه من العام السابق، هذا إلى جانب التحسّن المستمر في مؤشرات ثقة المستهلكين والمستثمرين في الاقتصاد الإماراتي، وكذلك الارتفاع الذي شهدته أرباح الشركات العاملة في الدولة خلال الربع الأول من العام الجاري. تزداد أهميّة التعافي الحقيقي ودوره في دعم الاقتصاد الإماراتي وتمكينه من الاستفادة بشكل أكبر من غيره من الانتعاش المرتقب للاقتصادات الصاعدة في ظل أن المناخ الاستثماري والبيئة الاقتصادية في الدولة بشكل عام تعدّ من المناخات الاستثمارية الأفضل على مستوى العالم في الوقت الحالي، نظراً إلى السياسات الاقتصادية المرنة التي تتبعها الدولة، بأطرها التشريعية والقانونية والتنفيذية المحفّزة للمستثمرين، كما أن اندماج الاقتصاد الوطني الإماراتي في الاقتصاد العالمي، وتمكّنه من وضع نفسه كمركز للتجارة والأعمال على المستويين الإقليمي والعالمي، كل تلك المعطيات لا تقضي بتعظيم استفادة دولة الإمارات من وفورات النمو والازدهار الاقتصادي في الاقتصادات الصاعدة في آسيا فقط، بل إنها تضع الاقتصاد الإماراتي منافساً للاقتصادات الصاعدة ذاتها، وواحداً من محرّكات النمو والتعافي الاقتصادي العالمي المرتقب خلال العقود المقبلة أيضاً. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز "الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"