في غمرة الحراك العربي الراهن، ثمة تساؤلات من بينها كيف يتسنى لصاحب قرار أن يكون سبباً في قتل أمل الآخر وأحلامه؟ كيف ينام قرير العين، وهو السبب في موت وطن وطفل، وأسرة تسعى لحياة مطمئنة؟ من أعطى الحق للبعض أن يسن سكينه لينحر حلماً بسيطاً بالحياة الشريفة؟ كيف تفتح أبواب السجون ليزج فيها رجال لأنهم فقط سئموا حالة الذل والخوف، والحديث المحسوب بالحرف في حال تحدثوا وقالوا (هرمنا) ولا شيء يتغير. التطورات الحاصلة في بعض البلدان العربية تقول لا يوجد شعب يتم تحديد آفاق أحلامه ضمن رؤية سياسي ما، وليس هناك شعب يستحق أن يُنكل به فقط لأنه عند الوصول إلى نقطه محورية في حياته قال: كفى علينا السير في منحنى آخر. ما يحدث اليوم في بعض البلدان العربية من قتل بدم بارد أمر مثير للغضب ومثير أيضاً لحرقة قلب بجعل الموت حكاية بسيطة أمام قهر اختطف ابناً أو زوجاً أو انتهك عِرضاً. ولعل ذكرى النكبة التي مر عليها ثلاثة وستون عاماً من الموت، فلا تحتاج إلى انتفاضات كتلك التي يمارس فيها بعض الساسة سفك الدماء أبشع من الصهاينة. فالخوف الذي يعيشه الصهيوني كلما استيقظ ذات صباح هو ذاته الخوف الذي يعيشه بعض العرب من غضبة البريء ونفاد صبره على حياة التشرد والمعتقلات وسلب المقدرات التي وهبها الله للناس. هؤلاء الذين يهبون في بعض البلدان لا يملكون من الدنيا إلا الأمل وليس لديهم سواه، فهو الحق الوحيد، الذي لا يمكن لأي كان أن يصادره، أو سرقة الأمل بغد جميل يشبه أحلامهم البريئة. هذا الحلم الذي ينمو في عقل شاب يصحو كل يوم على أمل عظيم بالحرية بالأنفاس المنقطعة دون أن يحاسب عليها أحد. فمنتهى الأمل أن تترك العنان لأحلامك كي تذهب، لأي مدى تشفق به وأن يكون لها حرية الركض في مساحات شاسعة من الانطلاق، دون أن يقف دونها أحد. فالأمل اليوم هو ذاته الذي يدفع الأحرار في ليبيا إلى الموت ببساطة وبسالة، فأمل الاستشهاد، وأمل التحرر من طاغية، كتم طويلاً على أنفاس الحياة لديهم. فالحياة الجميلة التي يعيشها غيرهم، والحقوق المتاحة للجميع بالتساوي والقانون الذي ينفذ على الجميع كلها مطالب أصحاب الأمل في حياة حرة تتجمل بمعنى الحياة الحقيقة، وليس الموت حتى إشعار آخر. عندما سُئل أحد المنتفضين في مصر: ألا تتوقع أن تموت؟ قال ليس لديّ ما أخسره! هذا المنطق هو ما سيجعل آمالهم أمراً يتحقق، وهو في المقابل يناقض الأمل ويتوازى معه في ذات الوقت، فالأمل بالحرية دافع، والموت لا يعني الخسارة لأن الخسارة تراكمت إلى أن تحولت إلى نظام حياتي. منتهى الأمل... وياله من أمل هذا الذي يصنع الغد، ويكتب التاريخ، ويمجد أبطالاً من شعب حر لا يعرف يوماً ماذا تعني الهزيمة.