ما أن تم الإعلان من قادة دول مجلس التعاون الخليجي في القمة التشاورية الثالثة عشرة في الرياض عن ترحيب القادة بطلب الأردن للانضمام إلى مجلس التعاون ودعوتهم للمغرب للانضمام، حتى ثارت زوبعة من التساؤلات المشروعة حول هذا التحالف الجديد. معظم التساؤلات التي أثارها الأكاديميون وأهل الرأي والسياسيون والصحافة في الكويت، تدور حول الأسباب التي دفعت دول المجلس لقبول الأردن والمغرب الآن... خصوصاً وأن محاولات جادة للانضمام طرحت سابقاً من جانب اليمن والعراق إلى منظومة المجلس، لكنها لم تلق الترحيب المتوقع. معظم التعليقات والتساؤلات تدور حول أسباب قبول الأردن والمغرب والترحيب بهما: فهل الهدف أمني فقط، في محاولة لردع التدخلات الإقليمية في الشؤون المحلية للدول الخليجية والتصدي لها؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فلماذا استبعدت مصر والدول العربية الأخرى؟ هل التحالف الجديد هو اتحاد بين الأنظمة الوراثية العربية المعتدلة في سياساتها؟ وهل الهدف منه هو التصدي للاحتجاجات الشبابية التي تعرفها بعض الدول العربية؟ معظم المعلقين والأكاديميين والصحفيين في الخليج ركزوا على قضية الأمن الداخلي والخارجي للدول الخليجية؛ فبعد فقدان الثقة بالإدارة الأميركية، يبدو أن بعض الدول الخليجية أصبحت متخوفة من تزايد التدخل الإقليمي في المنطقة، وهذا تخوف مشروع، لكن هل الأردن والمغرب قادرتان على التصدي للتدخلات المشار إليها، خصوصاً وأن الأردن يواجه مخاوف من التوسع الإسرائيلي في المنطقة، كما أن المغرب بعيد جغرافياً ولديه مشاكل أمنية داخلية مع الإرهاب، ومشكلة الصحراء مع "البوليساريو". وهل التحالف الجديد للأنظمة الملكية العربية هو البديل عن تحالف دول الاعتدال العربي الذي تصدع بسقوط النظام المصري السابق؟ دول الخليج العربية عقدت اتفاقيات أمنية مع مصر وسوريا بعد تحرير الكويت عام 1991، عرفت حينها باسم "إعلان دمشق"، لكن الإعلان فشل بسبب التركيز على الجانب الأمني وإهمال القضايا الاقتصادية والسياسية التي تهم شعوب المنطقة. بعض نواب مجلس الأمة الكويتي طرحوا تساؤلات حول الجدوى من الانضمام، قائلين إن هنالك قضايا أساسية يجب علاجها والتصدي لها قبل التسرع في عقد التحالفات والاتفاقيات. وطالب النواب بأن يكون التعاون مدروساً، وبأن يجري تطبيقه وفق جدول زمني تدريجي، لأن ثمة اختلافات جذرية حتى في طبيعة الأنظمة السياسية. ففي المغرب مثلاً لديهم أحزاب وحركات سياسية نشطة وتنظيمات مجتمع مدني متقدمة، وحركات حقوق إنسان. مرة أخرى يتساءل الجميع: ماذا ستفعل دول الخليج لو تقدم العراق واليمن بطلب الانضمام بعد أن يستقر البلدان؟ هل سيتم النظر في طلبيهما والرد عليهما إيجاباً؟ وهل قبول الأردن والمغرب هو بداية لوحدة الأنظمة المحافظة بدلاً من وحدة الشعوب؟ وهل لدى الأنظمة العربية عامة ما يكفي من الاستعداد لقبول التغيير منعاً لحدوث القلاقل السياسية؟ وأخيراً نرى بأن الجميع يرحب بأي تقارب خليجي -عربي يصب في مصلحة الشعوب، فلا يمكن أن ينجح أي تقارب وتعاون وتنسيق إذا لم يأخذ في الاعتبار المصالح المشتركة للشعوب في تحسين أوضاع الإنسان العربي. د. شملان يوسف العيسى