السبت الماضي حضرت المؤتمر السنوي لأحد مراكز البحوث، وكان تحت شعار "العرب في العقد القادم". شارك في المؤتمر نخبة من المفكرين العرب يمثلون طيفاً من الفكر الشتات في عالمنا العربي، واقع المفكر العربي كان همي خلال هذا اللقاء، وتمنيت أن يكون الطرح مختلفاً هذه السنة. من أفضل أوراق المؤتمر كانت ورقة الأستاذ جميل مطر ، والتي حملت عنوان "مستقبل العرب في النظام الدولي"، وأكد فيها أن المواطن العربي لن يعود كما كان، وقال إن الطفل المصري اليوم أجرأ من الماضي، والإنسان تغير في مصر وتونس واليمن، والعالم تغيرت نظرته للإنسان العربي. في تصوري نتيجة لهذه التغيرات في الإنسان العربي شهدنا تغيرات قادها بشر غير مسيس، ولا منتمي لحزب معين، فالجماهير العربية تحركت بشكل عفوي، لتغيير واقع مرير صبرت عليه لعقود من الزمن، ولم يلح لهذه الجماهير بريق فجر قادم، وعندها رأت أن الحياة والموت سيان، بل إن الموت في بعض الدول ربما يكون أرحم من الحياة، عندما يصل الإنسان إلى هذه المرحلة يكون مستعداً لفعل أي شيء من أجل الحرية، وعندها فقط يتذكر الإنسان العربي المقولة الخالدة للقائد العربي الخليفة الأول "أطلب الموت توهب لك الحياة". الإنسان العربي لم يعد كما كان، ولكن بعض المفكرين العرب يعيشون فترة من التردد بين الفكر الذي يؤمنون بها والتعبير عن ذلك الفكر. ومن هنا رأينا أن الجماهير العربية التي شهدت تغييراً لم تكن تقاد بفكر محدد، بل بشعارات عامة، بعد ذلك جاء دور المفكرين للتنظير، ولأخذ جزء من غنيمة النجاح، فعند النصر يرغب الجميع في تقاسم الغنائم، لكن في بداية المعركة بين الشعب وبعض الحكومات العربية كان المفكر العربي يعيش فترة من السبات الواعي أو سِنَةٌ طال وقتها كي يرى حقيقة ما يجري في الشارع العربي، رأينا ولا نزال في أجهزة الإعلام العربية المختلفة طرحاً ترقيعياً، لا يمكن تفسيره لبعض قادة الفكر العربي، فهم يمسكون شعرة الحرية التي في طرفيها موقف من الحكومة خشية أن تنتصر فيكون القمع، وفي الطرف الآخر رأي الشعب الذي لو حقق حلمه، فإنه سيرمي قادة الفكر هؤلاء في مزبلة التاريخ. العالم العربي اليوم يمر بلحظة حساسة جداً تتطلب من المفكرين والحكومات فتح آفاق جديدة على طاولة استشراف المستقبل، هذه المنصة لا ينبغي أن يكون فيها رأي حكومة أو معارضة، بل رأي واحد يتحدث أهله بكل حرية يبحثون في ظلام الواقع عن نور يقودهم إلى المستقبل، لأنهم إن لم يفعلوا ذلك، فجيل الشباب ليس فيهم من الحكماء من ينيرون لهم الطريق، لذلك يكون الشارع هو فكرهم، لتحقيق طموحات هرم الكبار عن تحقيقها. كان ما سبق خاطرة جالت في فكري، بعد أن سرحت مع ورقات احترم كاتبها، لكنها لا تناسب الواقع العربي اليوم، لأنها من طرح الماضي، فكأن من سطرها كتبها من سنة، ولم يقم بتجديدها، تمنيت من اللجنة المنظمة كذلك لو طلبت من بعض الشباب طرح فكرهم، ونشر طموحاتهم وأهدافهم، وكلي ثقة أن بعض ما سيطرحون سيكون أكثر واقعية من فكر هو سجين الخوف.