يعتقد البعض أن ما يحدث في بعض أجزاء من العالم العربي قانون حتمي للحراك الكلي من أجل تغيير الخريطة السياسية لهذا العالم. ويقال هذا ويشاع أحياناً في بعض ثنايا الشبكة العنكبوتية على شكل همس مسموع وبصوت خافت لكنه مزعج، لأن المنطق السليم لم يجد له طريقاً سالكاً إليه. هناك دول عربية تمور الأرض فيها موراً لأسباب ذاتية لا علاقة لها بدول أخرى مختلفة عنها بكل تفاصيلها. والإمارات بالأخص، نقولها بكل فخر واعتزاز بالمنجز الحضاري للاتحاد تمثل صفحة مضيئة في قلب العالم العربي، ومسيرتها الحضارية تتحدث بها الركبان أينما رحلت أو حلت. فالذي يرى أزمات الآخرين، فلا يسلك معها سلوك الشامتين، بل من الواجب التمسك بأهداب العافية التي تمثل في دولتنا الأمن والاستقرار والرفاه والانفتاح، وهذه بالجملة سنام المجتمع للإعلان عن جدارته لخوض معركة التحدي، وهو الحافز الأول للانطلاق نحو غد أفضل ومستقبل أرحب من المحلية إلى العالمية. دولة الإمارات ليست محصورة بانتخابات المجلس الوطني الاتحادي وليست رهينة لمفهوم الديمقراطية الفضفاض، لأن لديها قناعاتها الخاصة في تدبير شؤون المجتمع وفقاً لغراس المحبة في قلوب الشعب لقيادته الرشيدة. إن نمط الحكم في الدولة ليس مرتبطاً بما عند الآخرين من وسائل ارتضت شعوبها أن تمارس من خلالها الشأن العام والخاص، وليس بالضرورة صلاحية ذلك للصالح العام في الإمارات. فرئيس الدولة وحاكم الإمارة هو بمثابة الأب الحكيم والأخ الحليم الذي لا يضع الحواجز البيروقراطية للحيلولة دون الالتقاء به والبوح إليه في جميع الشؤون العامة والخاصة. إن نعمة الأمن والأمان والاستقرار، لا تساوم بالمفاهيم التي لم تنفع بعض الدول التي تشدقت بها لعقود ولم تجن الشعوب منها إلا الحصرم. فالقيادة بالدولة لم تبن لها أبراجاً عاجية تتعامل بها مع الشعب، فبعض الشعوب لم تتمكن منذ عقود خلت أن تجد فرصة الاقتراب من حكامها، فضلاً عن قضاء حاجة ملحة عن طريقهم. فالمزايدة هنا لا ينبغي أن يكون لها مكان، لأن الطريق إلى الديمقراطية المنشودة في أي مجتمع لها أبواب عدة، فصناديق الاقتراع باب واحد، فمن لم يطرق أو يلج هذا الباب فلا يعني أنه خارج السياق العام لتطور المجتمعات. هناك ديمقراطيات معلنة في بعض الدول العربية عبر مكبرات الصوت وتضخيم النبرات والطنطنة بالشعارات البراقة عبر وسائل الإعلام المباشرة، ولم تفتح بذلك باباً واحداً لمشروع تنموي تتقدم به أمام العالم برصيد يذكر. إلا أن مجتمع الإمارات منذ وحدته واتحاده الميمون لم يمر عليه يوم إلا ومشاريع التنمية المستدامة تعلن عن إنجازاتها أمام أعين العالم المنفتح على الجميع. فالكثير من الخطط الاستراتيجية العشرية منها والخمسينية لم تكن بحاجة إلى أصوات البرلمانيين لإجازتها أو إنجازها، فهي متاحة اليوم بين يدي العالم المتقدم ليتصفح منها ما يشاء ونرى بأن ديمقراطية الجوهر هي التي تسود أرجاء الدولة وأن المظهر الديمقراطي للبعض ليس دائماً يفصح عما وراءه، إن صفحة مضيئة التي نعيش جميعاً في أنوارها وشعاعها الساطع علينا وعلى الآخرين من شتى بلدان العالم، لا ينبغي أن تصيب البعض بعمى الألوان أو بالعشى الليلي، فلا يرى من الضوء إلا أخفته ولا يرى من النعمة إلا ما يمس مصلحته الشخصية، فالوطن فوق الجميع ونحن من أجله فدوة.