يتميز العمل الخليجي المشترك بوجود جملة من الخصائص التي تنعكس بصورة مباشرة على مجريات التعاون، وبالأخص التعاون في المجالات الاقتصادية والتي ترتبط بالنمو والتنمية وبالمستويات المعيشية. ففي بداية الأسبوع الجاري اتخذت لجنة التعاون المالي والاقتصادي قراراً بتأجيل تنفيذ بنود الاتحاد الجمركي بين دول المجلس، الذي بدأ العمل به في عام 2003 إلى عام 2015، وذلك على رغم أن قمة دول المجلس الأخيرة التي عقدت بالعاصمة أبوظبي في شهر ديسمبر الماضي قد "وجهت اللجنة المالية بضرورة سرعة العمل على تطوير آليات الاتحاد الجمركي وإزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية بين الدول الأعضاء بما يسهل انسياب التجارة فيما بينها وبين العالم الخارجي". وضمن الخصائص التي أشرنا إليها، تأتي مسألة تسلسل اتخاذ وتنفيذ القرارات، إذ إن قرار التأجيل لأربع سنوات لا يتناسب وتوجيهات المجلس الأعلى، مما يعني تأخير العمل به لسنوات طويلة، في الوقت الذي يتطلب الأمر تذليل العقبات التي تحول دون عملية الاستكمال والعمل على الوصول إلى القمة القادمة بتصور واضح يتيح وضع توجيهات القادة في موضع التنفيذ، مثلما أشار إلى ذلك بوضوح تام قرار المجلس الأعلى الذي دعا إلى سرعة العمل بالاتحاد الجمركي. وفي الوقت نفسه كان يمكن للأجهزة الفنية بالأمانة العامة أن تقوم بدور في توضيح هذه الإشكالية الإدارية، وذلك للتأكيد على أهمية الاتحاد الجمركي لإجمالي التعاون الاقتصادي الخليجي المشترك، إذ إن أسباب عملية التأجيل الطويلة التي أشار إليها بيان اللجنة الوزارية تتمحور أساساً حول عدم الاتفاق على توزيع الحصيلة الجمركية بين دول المجلس، علماً بأن الرسوم الجمركية لا تشكل نسبة كبيرة من الموارد العامة أو من إيرادات الموازنات السنوية، وبالأخص بعد الارتفاعات المتتالية والكبيرة في أسعار النفط. لقد شكلت مثل هذه القرارات البطيئة عائقاً كبيراً أمام تطوير العمل الاقتصادي المشترك خلال السنوات الماضية، فمرحلة منطقة التجارة الحرة في الثمانينيات عرقلت في اللجان الفنية بسبب الخلاف حول تقييم مكونات القيمة المضافة، كما أن افتتاح فروع للبنوك الوطنية تعرقل لأسباب عديدة لا علاقة لها بقرارات القمة في هذا الشأن. وبسبب غياب الاتحاد الجمركي، فإن المشتريات بين دول المجلس تتم جمركتها أكثر من مرة عند انتقالها بين هذه البلدان بسبب عدم تنفيذ القرار الخاص بتوحيد التعرفة الجمركية، مما يؤدي إلى دفع رسوم جمركية تتجاوز نسبة 5 في المئة المتفق عليها بين دول المجلس، حيث يمكن إيراد العديد من الأمثلة على عراقيل اللجان الفنية التي يفترض أن تلعب دوراً إيجابيّاً في تسهيل تنفيذ قرارات المجلس الأعلى. وهذه الصورة المعيقة لابد أن تتم معالجتها للإسراع بتنفيذ قرارات المجلس الأعلى، ولذلك فالمطلوب هو العودة مرة أخرى إلى قرار القمة الأخيرة واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي بالسرعة التي تمت الإشارة إليها في البيان الختامي للقمة، على أن تقوم الأمانة العامة بدور توجيهي، فالاختلاف حول مسألة توزيع الحصيلة الجمركية يمكن حله في وقت أقل حتى تضطر دول المجلس إلى تأجيل قضايا أخرى مهمة مرتبطة به، كالسوق الخليجية المشتركة وتنشيط التبادل التجاري بين دول المجلس. والحقيقة التي لابد من الإشارة إليها هي أن قادة دول المجلس متقدمون في عملهم ومبادراتهم كثيراً على اللجان الاقتصادية، التي عليها اللحاق بهم وإزالة الإجراءات الروتينية التي تعيق عملهم، وذلك لمجاراة وتلبية رغبات قادة دول المجلس وشعوبه، والذين يسعون لرؤية التكتل الخليجي في مقدمة التكتلات الاقتصادية في العالم، وخصوصاً أنه يملك من القدرات ما يؤهله لإنجاز الكثير من التطلعات المدرجة في القمم الخليجية المتعاقبة. Summary محمود