العزة والكرامة والحرية هي رسالة الإمارات إلى العالم. هكذا جاءت تصريحات سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. الكلمات الثلاث هي مفردات لغوية تحولت في الإمارات إلى أسلوب حياة وممارسات يومية ومؤشرات تنموية، يمكن أن يشعر بها كل من يعيش على أرضها، إذا تحدثنا بموضوعية وعقلانية. وأقدر من يقيس تطبيق هذه المؤشرات من عاش في دولة أخرى قبل الإمارات. هذه ليست فلسفة سياسية أو نفاقاً، وإنما حقيقة يرددها ويؤكدها كثيرون من غير الإماراتيين، وبعضهم من دول قريبة لنا جغرافياً، والبعض الآخر من مواطني الدول صاحبة الديمقراطيات العريقة. الدليل على ما أقوله توافد الناس إلى الإمارات حتى فاق العدد 200 جنسية. أستعرض هذا، وفي ذهني بعض الإماراتيين ممن ضاعوا وتاهوا في زحمة التغيرات الحاصلة في المنطقة، وصدموا بموقفهم أفراد المجتمع الإماراتي. حصل خلط وانساق البعض وراء ما يسعى إليه المعتصمون في ساحات التغيير والتعبير العربية وبين أسلوب الحياة في الإمارات، فتناسوا أو نسوا أن أولئك المعتصمين يريدون الإحساس بقيم العزة والكرامة والحرية واقعياً بعيداً عن الشعارات. سمعت وقرأت العديد من التحليلات والتعليقات حول الأسباب التي أدت إلى هذه الاعتصامات؛ كان أغلبها يؤكد أنهم يريدون أن يعيشوا بمستوى المواطن الإماراتي. المعنى الذي تحمله تلك المفردات هو أقصى ما يسعى له الإنسان في العالم منذ جمهورية أفلاطون إلى اليوم، بغض النظر عن أسلوب تحقيق ذلك من مجتمع إلى آخر. الإمارات وحتى قبل قيام الاتحاد كانت محط أنظار الباحثين والمراقبين لأسلوب العيش فيها، وكيفية العلاقة بين الحاكم والمحكوم. هناك إجماع من كل الآراء على رشادة الحكم فيها. فقد سخرت المال من أجل إعلاء قيمة الإنسان؛ وهو المطلب النهائي للجميع. بقليل من التواضع يمكننا القول بأن الإمارات فيها ما يغنيها عن أي مقارنة من ناحية الاهتمام بقيمة الإنسان. وما أخشاه أنا وغيري أن نستسهل بعض الأفكار الغريبة على مجتمع الإمارات وتدفع بنا إلى التقليل من إنجازاتنا التنموية وما حققناه من مؤشرات جعلت دولتنا في مقدمة كثير من الدول. أصبحنا أيقونة مضيئة يسترشد بتجاربنا. ومن الخطأ الكبير أن نوهم أنفسنا بأن أوضاعنا تشبه أوضاع الدول المجاورة في المنطقة وما يدور فيها، وهذا غير صحيح. ولا يجوز أن نسمح لأفراد ومنظمات لا يتمتعون بحيادية وموضوعية بزعزعة سلمنا الاجتماعي. إذا نظرنا للموضوع بشكله الكبير فإن تلك المطالب لن تكون سوى مادة "رائعة" لوسائل الإعلام التحريضي. لابد أن نمتلك الحس الوطني، خاصة في ظروف "التوتر العالي" التي تمر بها المنطقة؛ لأن الأمر سيكون مجازفة لا يمكن لأحد أن يتوقع نتائجها. والعجيب أنك لا تجد مبرراً واحداً مقنعاً لدى أصحاب المطالب، فلو جلست مع أحدهم تجده لا يدري ماذا يريد تحديداً، هذا إذا حسنت النية. أما إذا قلبنا المعادلة، فإنه لا يكاد مجتمع يخلو من أناس لا يرتاحون إلا بإثارة المشاكل والعمل على شق المجتمع. مفتاح اتضاح أي رؤية واقعية يكون في منطق المقارنة بين وضعين. وأعتقد أنه من المناسب قبل أي خطوة أن ننظر حولنا لنقيم وضعنا بشكل حقيقي. ومن المؤكد أنه كلما ابتعدنا بالمقارنة عن العقل فإن النتيجة ستكون حالة من التوهان. جوهر القضية أن مواطني دولة الإمارات يعيشون بمقاييس عالمية ويتمتعون بالأمن والاستقرار، والخلاصة أن أسلوب حياة الإنسان الإماراتي هو المقياس الذي يسترشد به الآخرون.