أثبتت دراسة علمية جديدة قام بها فريق من الباحثين أن مستويات غاز الميثان هي أعلى بحوالي 17 مرة في المياه الجوفية القريبة من آبار التنقيب على الغاز الطبيعي في الصخور الزيتية. وقد ركزت الدراسة على مناطق التنقيب في ولاية بنسلفينيا الأميركية، فوجدت نسبة عالية من التلوث التي تطال المياه الجوفية، من خلال التحليلات التي قام بها فريق من جامعة "دوك" على أكثر من 68 بئراً للمياه موزعة على خمس مقاطعات في الولاية، بالإضافة إلى مناطق أخرى شملها البحث ضمن ولاية نيويورك. وأشارت نتائج الدراسة إلى "تلوث واضح للمياه بغاز الميثان وامتزاجه بمياه الشرب بسبب الطريقة المستخدمة في التنقيب والقائمة على ضخ غازات في أعمال الأرض لكسر الصخور الزيتية وإطلاق الغاز الطبيعي المتواجد داخلها". فخلال هذه العملية تمتزج المياه الجوفية التي تستخدم أحياناً في إمداد السكان بالماء الصالح للشرب بمواد كيماوية أثناء ضخ الرمل بضغط عالٍ إلى أعماق التشكيلات الصخرية التي بدورها تتفكك تحت وقع الضغط وتطلق الغاز الطبيعي. وتعتبر هذه الدراسة التي سيتم نشرها قريباً في مجلة علمية مرموقة بالولايات المتحدة، الأولى من نوعها التي تشكك في أسلوب تفكيك الصخور الزيتية باستخدام الضغط الهيدروليكي. ومن المرجح أن تلجأ منظمات بيئية عديدة إلى هذه النتائج لرفع دعاوى قضائية على شركات التنقيب عن الغاز. ورغم الفائدة الكبيرة للتنقيب عن طريق الضغط الهيدروليكي في رفع الاحتياطات الأميركية من الغاز الطبيعي وتحقيق العديد من الاكتشافات في هذا المجال، سواء تعلق الأمر بالتنقيب في المحيط الأطلسي أو بالتنقيب في صحارى تكساس وكلورادو، إلا أن سكان المناطق القريبة من أوراش التنقيب كثيراً ما اشتكوا من تلوث مياه الشرب بغاز الميثان. هذا ويعتبر الغاز الطبيعي وقوداً أقل تسبباً في التلوث مقارنة بالنفط ومشتقاته، وتعتمد عليه الولايات المتحدة لتقليل استيراد النفط من الخارج. لكن التنمية النشطة تدفع السكان الذين يعيشون قرب حقول الغاز إلى التدقيق في الأمر من جديد حتى في الولايات التي تلعب فيها الطاقة دوراً مهماً، مثل" وايومنج" حيث يرتبط خمس الوظائف بالنفط والغاز اللذين أسهما في اقتصاد الولاية بخمسة عشر مليار دولار العام 2007. واشتكى سكان يعيشون قرب منشآت للتنقيب عن الغاز في ولايات من بينها بنسلفينيا وكلورادو ونيومكسيكو ووايومنج من أن مياههم أصبحت عكرة ورائحتها كريهة نتيجة للمواد الكيماوية التي تستخدم في تقنيات التنقيب. وتجادل شركات التنقيب بأن الكيماويات المستخدمة مخففة جداً وتحقن بطريقة آمنة في مكامن الغاز على عمق آلاف الأقدام تحت طبقات المياه الجوفية، وبالتالي فإنها لن تتسرب إلى إمدادات مياه الشرب. وفي هذا السياق قال "راندي تيووين"، المتحدث باسم" أنكانا كورب" ثاني أكبر شركة للطاقة في كندا، والتي تدير 248 بئراً: "ليست هناك حالة موثقة لحقن كيماويات لوثت الآبار أو المياه الجوفية". وأضاف: "نعرف أنهم ليس لديهم إثبات علمي لما يقولونه". لكن في المقابل، ينتقد بعض السكان المتضررين عمليات التنقيب لأن أطفالهم مرضوا وحيواناتهم نفقت، كما أصبحت مياههم في بعض الأحيان قابلة للاشتعال بسبب تسرب الميثان من آبار الغاز إلى طبقات المياه الجوفية. إلا أنهم لم يستطيعوا إثبات ذلك لأن شركات التنقيب غير مطالبة بالكشف عن الكيماويات التي تستخدمها، بفضل إعفاء من قانون اتحادي للمياه النظيفة منح لصناعة النفط والغاز عام 2005. ولم تحدد وكالة حماية البيئة في اختباراتها التي أجريت استجابةً للمخاوف بشأن التنقيب عن الغاز ونوعية المياه، مصدرَ التلوث في بافيليون، لكنها تحدثت عن التنقيب عن الغاز كسبب محتمل. وتواصل الوكالة اختباراتها متوقعة إصدار تقرير قريب حول الموضوع، حيث أكد العالم بوكالة حماية البيئة ،"لوك تشافيز"، الذي يقود التحقيق، أنه يسعى الآن إلى تحديد عدد من الملوثات وآثارها الصحية. وأظهرت اختبارات وكالة حماية البيئة أن مياه بعض المناطق نظيفة وإن كان الناس لا يشعرون بالارتياح للنتائج بسبب وجود صهاريج الغاز على مقربة منهم. ورغم التطمينات الفدرالية، فقد احتوت العينات التي فحصتها جامعة "دوك" على مادة "2-بي. أي"، وهي مادة يمكن أن تسبب السرطان وتستخدم عادة للتشحيم في التنقيب وفي بعض منتجات التنظيف المنزلي. وترد شركات التنقيب التي تضررت من شكاوى السكان ومن مشروع قانون في الكونغرس يطالب بالكشف عن الكيماويات التي تستخدم في الحقن، بالقول إنها تستعمل أحدث تكنولوجيا لتظل عملية التنقيب آمنة. ولم تُمرر منظمات الدفاع عن البيئة الفرصة لطرح شكوكها حول مسألة التنقيب عن الغاز والتي غالباً ما تواجه بالتجاهل من قبل مجموعات الضغط المساندة لشركات التنقيب. ويأمل العديد من النشطاء أن تفتح الدراسة الأخيرة للجامعة الأميركية الباب أمام رفع الحصانة عن الشركات والسماح للخبراء الفدراليين بمراقبة عملياتها حماية للمستهلك والبيئة. مارك كلايتون ________________________________ كاتب أميركي متخصص في الشؤون العلمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"