يشهد قطاع الطاقة المتجدّدة إقبالاً متزايداً حول العالم، فبعد أن كان يستقبل استثمارات تقدّر بنحو 100 مليار دولار سنوياً في سنوات ما قبل "الأزمة المالية العالمية"، فقد ارتفعت هذه الاستثمارات إلى نحو 243 مليار دولار في السنة في الوقت الحالي، بزيادة تقدّر بنحو 143 مليار دولار في فترة لا تتعدى ثلاث سنوات، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة مؤخراً عن مؤسسة "نيو إنيرجي فاينانس" المتخصّصة في تحليل أسواق الطاقة المتجدّدة. إن الإقبال العالمي المتزايد على قطاع الطاقة المتجدّدة ليس إلا نتاجاً لجهود الدول الأكثر اهتماماً بالاستفادة من المزايا التي تتمتّع به مصادر هذه الأنواع من الطاقة، التي تتميّز عن مصادر الطاقة التقليدية بأنها أكثر نظافة، حيث لا يتولّد عنها أي ملوثات ضارّة بالبيئة، وهي تساعد الدول الساعية إلى تقليص نسب انبعاث ثاني أكسيد الكربون في أنشطتها الاقتصادية على إدراك أهدافها، كما أنها تعدّ مصادر غير قابلة للنضوب، ما يجعلها واحدة من الآليّات المهمّة التي تسعى الدول إلى تطويعها لإدراك أهداف استدامة التنمية. وباعتبار أن دولة الإمارات واحدة من دول العالم الأكثر اهتماماً بمحاصرة أسباب التلوث البيئي في الوقت نفسه الذي تعمل فيه على إدراك أهداف التنمية المستدامة، فهي بالتالي واحدة من أكثر دول العالم اهتماماً بالتحوّل إلى عصر الطاقة المتجدّدة، ما دفعها في نهاية عام 2009 إلى إعلان نيّتها توجيه نحو 500 مليار دولار كاستثمارات جديدة إلى قطاع الطاقة المتجدّدة على مدار الفترة 2010-2015، وفيما يبدو أنه جزء من الخطة الإماراتية الشاملة، فقد أعلنت إمارة أبوظبي، مؤخراً، نيّتها إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية على مستوى العالم وفقاً لمجلة "ميد"، حيث تتفاوض "شركة أبوظبي للطاقة المتجدّدة" المعروفة باسم "مصدر" مع شركة "تيريسول" الإسبانية تمهيداً لإنشاء محطة لتجميع الطاقة الشمسية في الإمارة، على مساحة تتراوح بين 400 هكتار مربع و600 هكتار مربع، لإنتاج ما يتراوح بين 150 ميجاوات و200 ميجاوات من الطاقة الكهربائية. إن المشروع الذي تخطّط أبوظبي لإنشائه سيكون لدى إنجازه مَعلَماً مهماً من معالم الطاقة المتجدّدة حول العالم، تماماً كما هي "مدينة مصدر" حالياً، التي تعدّ المدينة الفريدة من نوعها حول العالم، باعتمادها الكامل على الطاقة الشمسية وخلوها التام من النفايات، كما أنه سيكون إنجازاً يضاهي في أهميّته إنجاز الفوز بحق استضافة المقر الدائم لـ"الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة" (إيرينا)، فهو سيتيح لإمارة أبوظبي ومن ثم دولة الإمارات فرصة الاستفادة المثلى من تكنولوجيات حصد الطاقة الشمسية، التي تتميّز بميزتين مهمّتين أولاهما أن تكنولوجيا استغلال الطاقة الشمسية تعدّ التكنولوجيا الأكثر تطوّراً بين تكنولوجيات الطاقة المتجدّدة في العالم حتى الآن، وبالتالي فهي الأكثر جدوى من الناحية الاقتصادية مقارنة بباقي التكنولوجيات، إلى جانب ذلك فإن دولة الإمارات تتمتّع بإمكانات كبيرة في استخدام الطاقة الشمسية نظراً إلى طبيعتها المناخية وتمتّعها بنسبة سطوع شمسي كبيرة على مدار العام، ويعدّ اجتماع هاتين الميزتين نقطة قوة مهمّة بالنسبة إلى المشروع، فهو سيمنح لدولة الإمارات فرصة تطويع أفضل التكنولوجيات العالمية في مجال الطاقة المتجدّدة للاستفادة من أكثر مصادر هذه الطاقة توافراً على المستوى المحلي، لتحقق فائدة مضاعفة في هذا الشأن. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.