تشكّل الجولات الميدانية التي يقوم بها مسؤولو الوزارات في مختلف مناطق الدولة إحدى أهم أدوات تعرّف احتياجات المواطنين عن قرب، والتفاعل المباشر معها، لأنها ترصد الواقع الفعليّ لمستوى الخدمات في هذه المناطق، ومدى الحاجة إلى تطويرها أو إضافة خدمات جديدة غير متوافرة فيها. من هذا المنطلق تأتي أهميّة الجولة التي قامت بها لجنة من ديوان الرئاسة ووزارة الأشغال مؤخراً لبعض المناطق الجنوبيّة في رأس الخيمة، التي استمعت خلالها إلى شكاوى المواطنين، ومعرفة مطالبهم، سواء تعلّقت بإعادة صيانة بعض المساكن المتهالكة، أو احتياجاتهم من الخدمات غير المتوافرة من الطرق والمدارس والمستشفيات. هذه الجولة الميدانيّة التي استهدفت تعرّف احتياجات المواطنين في مختلف قطاعات الحياة ومشروعات البنية الأساسيّة، تأتي تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وحرص سموه الدائم على وضع حاجات المواطنين على رأس أولويات الدولة، والتأكّد من مستوى الخدمات التي تقدمها الأجهزة الحكومية إلى المواطنين في مختلف المناطق، وهذا نهج ثابت تسعى قيادتنا الرشيدة دوماً إلى ترسيخه، وهذا ما يتّضح من تعدّد جولات المتابعة الميدانية للمسؤولين من أجل تعرّف أحوال المواطنين واحتياجاتهم ومتطلّباتهم عن قرب في إمارات الدولة كلّها من دون استثناء. إن تعرّف احتياجات المواطنين عن قرب يعدّ توجهاً مهماً ينطوي على مردودات إيجابية عديدة، أولها أن الاقتراب بصورة مباشرة من احتياجات المواطنين يسهم بصورة كبيرة في الارتقاء بمستوى الخدمات المقدّمة إليهم في مختلف مناطق الدولة، ليس لأن هذا المنهج يقدم رؤية واقعية حول البنية الأساسيّة المتوافرة فيها، ومدى الاستفادة من الخدمات القائمة، ومعرفة أوجه القصور بها فحسب، بل كذلك لأنه يقدّم الحلول اللازمة للتعامل معها، سواء عن طريق استكمال البنى الأساسية الناقصة فيها وتطويرها، أو من خلال الارتقاء بالخدمات الأساسيّة من طرق ومواصلات وتعليم وصحة وإسكان وغيرها. ثانيها أن هذا التوجّه من شأنه تفعيل المشاركة الشعبية في صنع قرارات التنمية، ووضع السياسات والاستراتيجيات المرتبطة بها في كثير من المجالات، فمعرفة احتياجات المواطنين تجعل سياسات الدّولة التنموية في مختلف المناطق أكثر اقتراباً من هذه الاحتياجات وتفاعلاً معها، وهو الأمر الذي يضمن النجاح لهذه السياسات والمشروعات المختلفة التي تتضمّنها. ثالثها أن هذا التوجه ينسجم مع سياسة الدولة وأهدافها نحو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، التي تنهض على التوسّع الأفقي والنوعي، عبر فتح مسارات جديدة للتنمية في مختلف المناطق، حتى تنعم إمارات الدولة كافة بثمار الطفرة الاقتصاديّة الكبرى التي تشهدها دولة الإمارات، ولهذا تحرص قيادتنا الرشيدة على تعرّف مطالب المواطنين واحتياجاتهم في مختلف المناطق، سواء كانت من البنية الأساسيّة، أو من الخدمات الاجتماعيّة، من أجل أن تكون سياسات التنمية الشاملة في هذه المناطق معبّرة عن هذه الاحتياجات والمطالب بالشكل الذي يعظم الاستفادة منها. ونظرة سريعة إلى طبيعة المشروعات التي نفّذتها وزارة الأشغال في بعض المناطق مؤخراً تبرز بجلاء كيف أن هذه المشروعات تعكس رؤية صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله بشأن تطوير المناطق النائية، ودعم النسيج الاجتماعي والأسري للمواطنين. إن تعرّف احتياجات المواطنين عن قرب هو أحد مظاهر التفاعل البنّاء بين القيادة والشعب في دولة الإمارات، ذلك التفاعل الذي يقف وراء الكثير من الإنجازات التي تحققت على أرض الدولة على مختلف المستويات. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.