تحتلّ الجمعيات التعاونية موقعاً مهمّاً في النشاط الاقتصادي والاجتماعي في الدول المختلفة، حيث شهدت العقود الماضية تناميّاً واضحاً في أعداد هذه الجمعيّات وأحجامها حول العالم، في ظل السياسات الاقتصادية المرنة التي تمارسها الدول، التي تكفل للأفراد والجماعات حريّة ممارسة الأنشطة الاقتصادية في شكل تعاوني، وتختلف أنواع الجمعيات التعاونية تبعاً لنوع النشاط أو الخدمة التي تقدّمها كل منها، فهناك جمعيات تعاونية إنتاجية تهتم بالجانب الإنتاجيّ، وهناك جمعيات تعاونية استهلاكية تهتم بالجانب التسويقيّ للمنتجات، وهناك جمعيات تعاونية متعدّدة الأعراض، وغيرها من الجمعيات التي تختلف وفقاً لطبيعة النشاط الاقتصاديّ الذي تمارسه، بخلاف ما يمكن تشكيله من جمعيات تعاونية تهتم بالجوانب الاجتماعيّة للسكان. وتعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الأكثر اهتماماً بإنشاء الجمعيات التعاونيّة، سواء الجمعيات الإنتاجية، أو الجمعيات الاستهلاكية، أو الجمعيات متعدّدة الأغراض، وفي هذا السياق فإن وزارة الشؤون الاجتماعية الإماراتية تخطّط لتنظيم برنامج توعية للأسر المنتجة في الدولة، تشرف عليه مراكز التنمية الاجتماعيّة التابعة للوزارة بهدف تشجيع الأسر المنتجة على إنشاء جمعية تعاونية حِرفية إنتاجية، أو تسويقية تضمّها تحت مظلتها، ويستهدف البرنامج نشر الثقافة بين فئات المجتمع المختلفة حول دور الجمعيّات التعاونية الحِرفية في دعم الاقتصاد الوطني، ودعم الدور الاقتصاديّ للأسر المنتجة على وجه الخصوص، فالجمعيات التعاونية في المقام الأول تمكّن هذه الأسر من الحصول على مدخلات الإنتاج اللازمة، حيث إن السلعة المنتجة لدى أسرة معينة قد تمثل مدخلاً من مدخلات العملية الإنتاجيّة لدى أسرة أخرى، ويمنح اشتراك هاتين الأسرتين في جمعية تعاونية واحدة فرصة لتبادل المنتجات في ما بينهم بسهولة ويسر، كما تساعد هذه الجمعيات الأسر المنتجة على تسويق منتجاتها من خلال إنشاء منافذ بيع بالتجزئة في الأسواق المحليّة، وتصدير فائض الإنتاج إلى الأسواق الخارجية. وإلى جانب ذلك، فإن هناك العديد من المزايا التي يمكن أن تجنيها الأسر المنتجة في حال إنشائها جمعيات تعاونيّة حرفيّة تعمل في إطارها، فهي تساعدها على الاستفادة ممّا يسمى في علم الاقتصاد "وفورات الحجم الكبير" أي الإنتاج بكميّات كبيرة تسمح لها بتخفيض تكاليف النشاط، وبالتالي زيادة الأرباح إلى أعلى مستوًى ممكن، وفوق هذا وذاك، فإن الجمعيات التعاونية تمنح المنضمّين إليها فرصة تبادل الخبرات في ما بينهم، ومن ثمّ تطوير نظم العمل والإنتاج المعتمدة لديهم بشكل أفضل ممّا يمكنهم فعله في حال ممارسة أنشطتهم بشكل منفرد، ما يسهم في النهاية في زيادة قدراتهم وطاقاتهم الإنتاجيّة، ورفع كفاءة العمل في وحداتهم الإنتاجية الحرفية. وبعيداً عن المزايا الخاصة التي تجنيها كلّ من الأسر المنتجة في اشتراكها في إنشاء جمعيات تعاونية حرفية، فإن هذه الجمعيات لها العديد من المزايا العامّة ذات الأثر الإيجابي في الاقتصاد الوطني كلّه، فهي تسهم بشكل فعال في دعم المخزون الاستراتيجي من السلع الضرورية، بخاصة السلع الغذائية التي تستورد دولة الإمارات معظم احتياجاتها منها من الأسواق الخارجيّة، كما تساعد الجمعيات التعاونية الحِرفية في حال إنشائها على محاربة ظاهرة الغشّ التجاري والتلاعب بالأسعار في الدولة، وفي المجمل فإن الجمعيات التعاونية تمكّن الأسر المنتجة من الإسهام بدور فعّال في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة.