تحرص دولة الإمارات باستمرار على إيجاد كوادر مواطنة تكون قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، خاصة في التخصصات النوعيّة الدقيقة المرتبطة بـ"اقتصاد المعرفة"، كالطاقة النووية والمتجدّدة، وصناعة الطيران، وغيرها من التخصصات الأخرى التي باتت تعتمد على علوم التكنولوجيا وتقنية المعلومات. ونظرة سريعة إلى طبيعة المشروعات العلمية ونوعيتها التي تقدّمت بها طالبات البكالوريوس في قسم الهندسة الكهربائية في "جامعة الإمارات" في يوم الأنشطة الطلابية، الذي أقيم في الحرم الجامعي الجديد، مؤخراً، تكشف عن أن منظومة التعليم الجامعي في الدولة قطعت شوطاً كبيراً نحو تأهيل الكوادر المواطنة المتخصصة في المجالات النوعيّة الدقيقة المرتبطة بـ"اقتصاد المعرفة"، فقائمة هذه المشروعات تتضمّن العديد من الابتكارات والإبداعات، مثل مشروع "طائرة عمودية" تعمل بأربعة محركات، ومن دون طيار، يمكن تطويرها بهدف الحصول على صور ومعلومات عن الطقس أو قياس درجات الحرارة، ومشروع لتوليد الطاقة المتجدّدة بوساطة وحدات الخلايا الشمسية لتحقيق كفاءة إنتاج الكهرباء والطاقة، ومن خلال حركة المياه، بالإضافة إلى أجهزة "الروبوت" وتطبيقاتها المختلفة، بما في ذلك "روبوتات" للعب كرة القدم، وأخرى تستخدم في الأغراض العلمية، خاصة التي لا يستطيع الإنسان القيام بها. هذه النوعيّة من الابتكارات العلمية المتقدّمة لا شك في أنها تشكّل أهمية بالغة، ليس لأنها تعكس الاهتمام الكبير بالبحث العلمي في جامعات الدولة فحسب، وإنما لأنها تتماشى مع خطط التنمية وتوجّهاتها في الإمارات نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة أيضاً، الذي أصبح خياراً استراتيجياً يتعدّى ما هو تقنيّ ليطول النموذج التنمويّ بمفهومه الشامل، لكي يكون أكثر قدرة على الاستجابة لتطلّعات أفراد المجتمع وطموحاتهم، وتحقيق نقلة نوعيّة للاقتصاد الوطني. ما يبعث على التفاؤل أن هناك توجّهاً لتطوير منظومة التعليم في الدولة لكي تستجيب لمتطلّبات "اقتصاد المعرفة"، من خلال إنشاء جامعات وكليات ومعاهد متخصصة تخدم خطط الدولة في هذا المجال، وأهدافها التنموية، فمثلاً تم مؤخراً تدشين أول جامعة للهندسة النووية في الإمارات، من المقرّر أن تبدأ برنامجها الدراسي في شهر سبتمبر المقبل، وهذه الجامعة لا شك ستساهم في تلبية حاجة "مؤسسة الإمارات للطاقة النووية" من العنصر البشري، للعمل في المشروع النووي للدولة، الذي من المقرر أن يبدأ عام 2017. في السياق ذاته، فإن منظومة التعليم أصبحت تتواكب بشكل كبير مع ما هو حادث من تطوّر في العديد من الصناعات الحيويّة، وبالشكل الذي يخدم استراتيجية الدولة وخططها المستقبلية نحو الدخول إلى المجالات الحديثة والمتطوّرة والتخصصات النادرة التي تخدم عملية التنمية المستدامة فيها، فصناعة الطيران مثلاً باتت تفتح مجالاً أوسع للتنسيق مع المعاهد الفنية والكليات والجامعات المختلفة في الدولة لإدخال علوم صناعة الطيران وهندستها في مناهجها. إن التوجّه نحو الربط بين منظومة التعليم و"اقتصاد المعرفة" أمر ينطوي على مردود إيجابي كبير، لأنه المدخل الحقيقيّ نحو إيجاد كوادر مواطنة في التخصصات النوعية الدقيقة، وهذا لا شك هو أفضل استثمار في المستقبل، لأن هذه الكوادر ستكون هي القادرة على قيادة مجتمع الابتكار والإبداع في الدولة، والتعاطي مع التطوّرات المتسارعة التي يشهدها عالم اليوم في مجال التكنولوجيا وثورة المعلومات، وتطويعها من أجل التنمية وخدمة المجتمع. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.