مخاوف من انتقام "القاعدة"... والمصالحة الفلسطينية تقلق إسرائيل أصداء مقتل أسامة بن لادن، والمصالحة الفلسطينية ومخاوف إسرائيلية من مشاركة "حماس" في حكومة الوحدة الوطنية، واستفادة أوباما من سقوط بن لادن... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. مقتل بن لادن اعتبرت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء أن مقتل زعيم "القاعدة" على يد قوات خاصة تابعة لوكالة الاستخبارات الأميركية بعد ملاحقة دامت عقوداً هو حدث رمزي أكثر منه عملياً، فحسب الصحيفة لا يعني القضاء على رأس المنظمة الإرهابية تواري الإرهاب واختفائه عن الأنظار، بل تتوقع الصحيفة عمليات انتقامية قد يقدم عليها التنظيم، فقد كان السبب الذي دفع الولايات المتحدة لغزو أفغانستان بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كما كان وراء احتلال العراق عام 2003 والتسبب في الكثير من الدمار، هذا ناهيك عن الحرب الكونية ضد الإرهاب التي أطلقها بوش الابن، وانخرط فيها العالم، لكن مع ذلك لا تُهوّن الصحيفة من قتل بن لادن، إذ عدا أنها ضربة حقيقية وقاسية لتنظيم "القاعدة" فإن للحدث تداعيات كبيرة، لا سيما داخل أميركا وتحديداً فيما يتعلق بأوباما نفسه، فقد جاء توقيت العملية مفيداً له، وهو يستعد لمعاودة تلميع صورته وحشد التأييد لضمان ولاية رئاسية ثانية في انتخابات 2012، إذ من غير المتوقع أن يواصل "الجمهوريون" تشكيكهم في صلابة أوباما وقدرته على محاربة الإرهاب والتصدي لأعداء أميركا، وهو ما سيقطع عليهم الطريق لمنافسته في الانتخابات المقبلة دون أن يعني ذلك، كما تقول الصحيفة، أنه ضمن الفوز، محيلة في هذا السياق إلى تجرية بوش الأب الذي خرج منتصراً من حرب الخليج الأولى فقط، ليخسر الرئاسة أمام كلينتون، وبالإضافة إلى السياسة الداخلية تشير الصحيفة إلى إطلاق يد الرئيس في سحب قواته من أفغانستان وخفضها في العراق استعداداً لعودتها إلى أميركا والتفرغ لتقليص موازنة البنتاجون بعد الترويج لانتصاره على "القاعدة". الفرصة التاريخية انتقد الصحفي والمعلق الإسرائيلي، "أكيفا إلدار"، يوم الإثنين الماضي بصحيفة "هآرتس" موقف النخبة الإسرائيلية الحاكمة سواء في اليمين، أو حتى بعض أصوات اليسار ممثلة في وزير الدفاع، إيهود باراك، والرئيس، شيمون بيريز، من المصالحة الفلسطينية التي أُعلن عنها مؤخراً بين "حماس" و"فتح،" وذلك رغم الآفاق التي تفتحها لعودة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين واحتمال التوصل إلى السلام، والسبب الذي يفسر به الكاتب هذا الموقف الرافض والمتخوف من المصالحة الفلسطينية يرجع إلى ما سيطلقه ذلك من زخم على الصعيد الدولي سيصب في صالح الفلسطينيين، إذ لن يبقى هناك تبرير إسرائيلي بعدم تمثيل محمود عباس لجميع الفلسطينيين، وستتعالى الأصوات الدولية المطالبة بالدولة الفلسطينية في حدود 67، كما أن تبريرات اليمين بتحول الضفة الغربية إلى معقل لحركة "حماس" وبالتالي لصواريخ "القسام" لم يتحقق بعدما وافقت "حماس" نفسها على التوقيع على الوثيقة المصرية دون تغيير بسبب التحولات التي تشهدها المنطقة ووصولها إلى دمشق حيث المكتب السياسي لحركة "حماس". لكن الأدهى- يقول الكاتب- أن لا تكون الحكومة قد اطلعت على تفاصيل وثيقة المصالحة، فالحكومة المؤقتة المقبلة ستنحصر مهمتها في تثبيت الوحدة الفلسطينية والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والتهيؤ للانتخابات المقبلة، كما أن التفاوض مع إسرائيل واحترام الاتفاقيات الموقعة سيبقى من مهام منظمة التحرير الفلسطينية ولن يوجد ما يمنع محمود عباس من مواصلة المفاوضات حول القضايا الأساسية، بل إن الوثيقة التي وقعت عليها "حماس" هي نفسها، التي رفضتها في المرات السابقة، كل ما هنالك، يقول الكاتب، هو تغير النظام في مصر وإعلانه فتح معبر رفح الذي سيحرم "حماس" من مداخيل تجارة الأنفاق ورغبة القاهرة في توحيد الفلسطينيين لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، وهو المناخ الجديد الذي يدعو الكاتب إسرائيل إلى استغلاله بدل تعطيله. مخاوف إسرائيلية في افتتاحياتها ليوم الأحد الماضي هاجمت صحيفة "جيروزاليم بوست" مشروع المصالحة الفلسطينية بين "فتح" و"حماس" معتبرة ذلك خطراً حقيقياً على مستقبل إسرائيل، مشيرة إلى التهم التقليدية التي عادة ما توجه إلى "حماس" باعتبارها تنظيماً إرهابياً، وبأن ميثاقها مازال يشير إلى القضاء على إسرائيل وغيرها، وتتساءل الصحيفة عن الجدوى من هذه المصالحة في الوقت الذي رفضتها منابر أميركية مثل بعض أعضاء الكونجرس الذين بعثوا برسالة إلى أوباما يدعونه فيها إلى اتخاذ موقف حازم ضد المصالحة الفلسطينية، بل ذهبت الصحيفة إلى تكرار مواقف أميركية في الكونجرس تحذر من قطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية إن هي مضت قدماً في تكريس المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني وإشراك "حماس" في حكومة وحدة وطنية، لكن الصحيفة تنتقد بعض المواقف المتذبذبة والمبهمة لأطراف أميركية ودولية، فمن ناحية لم يحسم البيت الأبيض قراره تجاه المصالحة وترك الباب مفتوحاً للتأويلات، أما الأمم المتحدة فقد عبرت على لسان أمينها العام عن دعمها الكلي للمصالحة، لأنها حسب المنظمة تمهد الطريق لاستئناف مفاوضات السلام، ونفس الموقف الداعم للمصالحة عبر عنه الاتحاد الأوروبي من خلال تصريح منسقة السياسة الخارجية للاتحاد، كاثرين آشتون، بأنها تشجع الفلسطينيين على جسر الهوة بين قطاع غزة والضفة الغربية لإشاعة مناخ من الاستقرار يحفز على التفاوض، والحال تقول الصحيفة أن "حماس" لم تغير مواقفها التقليدية تجاه إسرائيل ولم تتخل عن العنف. أوباما المستفيد هل يساعد أسامة أوباما؟سؤال طرحه الكاتب الإسرائيلي "إسحاق بنحورين" في مقاله المنشور يوم أمس الثلاثاء بصحيفة "يديعوت أحرنوت" في إحالة إلى احتمال استفادة الرئيس أوباما من قتل بن لادن لتعظيم حظوظه للفوز بفترة رئاسية ثانية في الانتخابات المقبلة بعد عام ونصف العام، فإطلاق الرصاصة التي قضت على بن لادن هي نفسها، يقول الكاتب، التي أطلقت حملة مبكرة لأوباما، إذ رغم تعهد الرئيس بوش أمام المواطنين الأميركيين بجلب بن لادن إلى العدالة "حياً أو ميتاً" كان أوباما الذي تسلم الهدية على طبق من ذهب، واللافت يقول الكاتب أن التخطيط للعملية التي استمرت لشهور وتخللتها اجتماعات عديدة لمجلس الأمن القومي لم تتسرب منها كلمة واحدة إلى الصحافة الأميركية التي لا تترك سراً إلا أذاعته، بل إن أوباما سُئل أكثر من مرة في الفترة الأخيرة عن بن لادن والتزم الصمت مكتفياً بابتسامة عريضة تبين اليوم أنها كانت تخفي وراءها الكثير من الأشياء، وبهذا الخبر السار بالنسبة لأوباما لن يكون عليه نشر شهادة ولادته على موقع البيت الأبيض للرد على المتشككين بعدما سدد ضربة مميتة للعدو الأول لأميركا، وإن كان الكاتب يحذر في الوقت نفسه من طول المدة التي تفصل عن موعد الانتخابات واستمرار التحديات الاقتصادية التي من المتوقع أن تنغص على أوباما فرحته بقتل بن لادن. إعداد: زهير الكساب