مع أهمية الطرح الوارد في مقال: "الثورات العربية ورهانات الحداثة السياسية" للدكتور السيد ولد أباه، إلا أنني أرى أن دور الثورات العربية الراهنة في تحديث المجتمعات قد لا يكون حاسماً أو كبيراً وذلك لأن عملية التحديث تقتضي زمناً طويلاً وتدرجاً يتأسس على تراكم التجارب الثقافية والتنموية، وليس بالضرورة أن يتم حرق المراحل من خلال واقع ثوري يظهر فجأة ودون تراكم كافٍ. ومن المعروف أن مشروع الحداثة العربية ظل متعثراً خلال فترة القرنين الماضيين، وذلك لوجود عوائق موضوعية وثقافية حالت وما زالت تحول دون استكماله، ولذا فمن غير المتوقع أن تكون لدى الثورات والثوار في الوقت الراهن وصفات سحرية يمكن أن تتجاوز كل تلك العوائق والعراقيل. وحتى لو افترضنا وجود الإرادة والرغبة لديهم الآن في التحديث فإن الأمر يقتضي ما هو أكثر من مجرد الإرادة والرغبة، إذ لابد أولاً من وجود مجتمعات جاهزة ثقافيّاً واقتصاديّاً للإصلاح والتحديث السياسي والاجتماعي. عزيز خميّس - تونس