مثلما جاؤوا رغبةً في البحث عن أسباب الحياة والعيش الكريم، ها هم يحاولون المغادرة خوفاً على حياتهم من الموت المخيم في أرجاء المكان. إنهم العمال الأفارقة الذين نراهم في هذه الصورة، وقد جلسوا وراء أمتعتهم المكدسة قرب ميناء مدينة مصراته الليبية، في انتظار إجلائهم الذي لم يقترب في الموعد إلا ليبتعد في الأمل... كأنه سراب بقيعة. المدينة محاصرة بكتائب القذافي، وليس لها غير متنفس واحد هو الميناء الذي يتعرض هذه الأيام لقصف متواصل من الكتائب، مما أجبرً سفناً كانت تحاول الاقتراب أو الانطلاق منه على العدول عن محاولاتها إجلاء بعض المرضى والمصابين والأجانب، وضمنهم ألف إفريقي أطلقوا صرخة استغاثة في كل اتجاه، قائلين إن الماء والأغذية تنفد لديهم، وإنهم يعيشون في ظروف سيئة للغاية. فمتى يطل الأمل من وراء أمواج بحر مصراته؟ وهل يرنُّ ذلك الهاتف النقال، بيد أحدهم، ليبشر بالخروج من الضِّيق إلى الفرج؟