في مقاله الأخير، "انتقام الفن لشهداء العلم في العراق"، بدا لي محمد عارف كاتباً قادراً على تكثيف المعنى، وتحريك الذهن بحيوية ورشاقة فائقتين، والانتقال بوعي المتلقي من عنصر إلى آخر فوق مساحة واسعة من الطرافة والمفارقة... دون تكلف أو افتعال. فقد ربط بين ما لا تبدو علاقة ارتباطه بديهية أو مرئية للكثيرين؛ بين علماء العراق الذين أسهموا في الحركة العلمية إسهاماً كبيراً ثم انتهت حياتهم قتلاً في عهد الاحتلال الأميركي، وبين عظماء الفن العراقي الذين أبهروا متاحف ومعارض الفنون في أنحاء العالم. فهذا هو ضياء العزاوي يقدم عملاً فنياً يخلب الألباب ويستفز الخيال، نرى فيه مأساة الحسين بن علي، ومحنة الاحتلال الأميركي للعراق، ومعضلة النفط العراقي كمصدر للخير وكسبب للأطماع الأجنبية... إلى غير ذلك مما لا يمكن الإحاطة به في صحائف ومجلدات كثيرة، لكن بلمسات العبقرية الفنية للفنان العراقي يتراءى صوت الحقيقة وتجلجل ألوان النقد والرفض على الملأ! إنها المفارقات الجميلة في عتمة المأساة، والتي لا يستطيع اقتناص لحظاتها إلا فنان فائق الإبداع كالفنان العراقي، ولا يملك الجرأة على إبرازها من بين ركام الأعمال الفنية الكثيرة، إلا كتاب قليلون يملكون حساً فنياً ووعياً علمياً نفاذين. نبيل شاكر -العراق