تتبارى المصارف حول العالم وكذلك المصارف العاملة في دولة الإمارات في تملّك الأدوات والتطبيقات التي تمكّنها من تقديم خدماتها إلى العملاء إلكترونياً، حتى باتت مصطلحات مثل الخدمات المصرفية عبر "الإنترنت" أو ما يعرف بـ "أونلاين بانكنج" والخدمات المصرفية عبر الهاتف، أو ما يعرف بـ "فون بانكنج" أو "موبايل بانكنج"، مصطلحات أساسية في مجال العمل المصرفي، وهناك من الدول ما يزيد فيها حجم الخدمات المصرفية المقدّمة إلكترونياً على حجم الخدمات المصرفية التقليدية، التي يتطلّب الحصول عليها ذهاب العملاء إلى المصارف. برغم التنافس الحميم بين المصارف العاملة في دولة الإمارات سعياً منها لمواكبة المستجدّات المصرفية العالمية، التي من بينها التوسّع في تقديم الخدمة المصرفية الإلكترونية، فإن هذا النوع من الخدمات ما زال لم يحز رضا فئة كبيرة من عملاء المصارف حتى الآن، ويعود ذلك إلى أسباب عدة، أهمها أن نسبة كبيرة من هؤلاء العملاء لديهم هواجس كبيرة بشأن معايير الأمان المعتمدة في هذه الخدمات، ويتخوّفون من إمكانية اختراق حساباتهم المصرفية في حال استخدامها، كما أن فئة أخرى من العملاء يجدون صعوبة في استخدام هذا النوع المعقّد من الخدمات على حد تعبيرهم، نظراً إلى الإجراءات والخطوات الكثيرة التي تفرضها المصارف للدخول على أرقام الحسابات إلكترونياً، وترى فئة ثالثة أن الخدمات المقدمة إلكترونياً لا تغطي جميع الخدمات المصرفية، ما يضطرهم في النهاية إلى الذهاب إلى المصارف بأنفسهم. إن تحفّظات المتعاملين بشأن الخدمات المصرفية الإلكترونية برغم أهميتها فهي لا تخصم كثيراً من مميزات تلك الخدمات، خاصة أن هذه التحفّظات تنبع في معظمها من عدم توافر الوعي التامّ لدى هؤلاء العملاء بطبيعة هذه الخدمات من ناحية وبالمزايا المرتبطة بها من ناحية أخرى، فهذه الخدمات تتميّز بأنها متاحة على مدار ساعات اليوم من دون انقطاع، ويمكن الوصول إليها من أي مكان في العالم وليس داخل حدود دولة الإمارات فقط، ولا يتطلّب الحصول عليها حضور العملاء إلى المصارف وما يرتبط بذلك من جهد ووقت وتكلفة مادية، كما يتميّز هذا النوع من الخدمات بأنه يقدّم مجاناً من قبل المصارف، وهي ميزة كبيرة إذا ما قورنت بالخدمات المصرفية التقليدية التي يستوجب الحصول عليها دفع رسوم قد ترتفع أو تنخفض من بنك إلى آخر وفقاً للتكاليف التي يتحمّلها المصرف في تقديمها، ويضاف إلى ذلك أن الخدمات المصرفية الإلكترونية تتميّز بالسرعة مقارنة بالخدمات التقليدية، التي تلزم العميل انتظار دوره، وفوق هذا وذاك فإن الخدمات المصرفية الإلكترونية تجنّب العميل خطر التعرّض للأخطاء البشرية التي يمكن أن يقع فيها موظفو خدمة العملاء في حال الحصول على الخدمة بشكل تقليدي. إن تنظيم حملات لتوعية العملاء بمزايا الخدمات المصرفية الإلكترونية سيكون له انعكاس إيجابي كبير على أداء القطاع المصرفي الإماراتي، وهو ما يجب أن يحفز المصارف بالتعاون مع "مصرف الإمارات المركزي" للتعاون في هذا الشأن، خاصة أن هذا النوع من الخدمات يعدّ من أكثر الآليات فعالية في دعم ميزانيات المصارف، وبالتالي القطاع المصرفي كله، فهي وإن كانت تفرض على المصارف تقصّي أعلى درجات الأمان والاستفادة بشكل آنيّ من المستحدثات التكنولوجية في هذا الشأن، فهي تساعد المصارف على زيادة القيمة المضافة لأعمالها من دون تحمّل المزيد من التكاليف الثابتة أو التشغيليّة، وتمكنها من التوسع في الأنشطة المصرفية واستقطاب أعداد إضافية من العملاء من دون اللجوء إلى إنشاء المزيد من الفروع أو توظيف عمال جدد. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.