في هذا المكان بشمال شرق كينيا، يوجد مخيم "داداب" الذي يضم مئات الآلاف من اللاجئين الصوماليين، ويعد أكبر مخيم من نوعه في العالم. وكانت السلطات الكينية قد قررت توسيعه بداعي الأعداد المتزايدة للوافدين عليه من الصوماليين الفارين إلى كينيا المجاورة من ويلات الحرب الأهلية المتواصلة في بلادهم منذ عقدين، لكن الخشية من أن ينقل الصوماليون صراعاتهم معهم من الوطن إلى المخيم، دفعت الكينيين للتراجع عن خطة توسيعه. ورغم ذلك فالمخيم يضم من اللاجئين عدداً يفوق طاقته الاستيعابية، ويتجاوز حدود الخدمات المتاحة فيه بما لا يقاس. وحال هذا الطفل الواقف عند باب خيمة ذويه، يغني عن أي سؤال؛ فصحته ليست على ما يرام، إذ لا يتوفر من الرعاية الطبية والغذاء الصحي ما يلزم لمن هو في عمره، أما أسبال ملابسه فمن جنس المنزل ذاته (الخيمة)، وما يجاوره من منازل مشابهة تتناثر في مكان منقطع، لم تترك به فصول الجفاف المتعاقبة غير شجيرات تُرى من بعيد. سكان "داداب" حائرون بين الرغبة في هطول المطر، وقد بدت بشائره في السماء، وبين الرغبة عنه؛ فهو يروي ظمأً يذبحُ الأرضَ، لكن ما من مساكن مناسبة للوقاية من منغصاته!