سياسة مصرية جديدة ...وقلق أفغاني من تغيير القيادات الأميركية هل تغيرت سياسة مصر الخارجية؟ وماذا عن تطورات المشهد الليبي؟ وما المطلوب من واشنطن لمواجهته؟ وكيف ينظر الأفغان إلى تغيير القيادات الأميركية الدبلوماسية والعسكرية في بلادهم؟ تساؤلات نضعها تحت الضوء، ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. سياسة جديدة في تقريره المنشور بـ"نيويورك تايمز" أول من أمس، وتحت عنوان "مصر التي تشهد تحولات، تتقرب من إيران وحماس عدوا إسرائيل"، أشار "ديفيد دي. كيركباتريك" إلى أن القاهرة ترسم مرحلة جديدة في سياستها الخارجية، وهذه السياسة قد بدأت بالفعل في زعزعة النظام القائم في الشرق الأوسط. مصر تخطط لفتح حدودها مع قطاع غزة، وتخطط لتطبيع العلاقات مع اثنين من أعداء إسرائيل والغرب: حركة "حماس" وإيران. المسؤولون المصريون، وهم يقتربون من انتخابات برلمانية، يقولون إنهم بصدد انتهاج سياسات تعكس الرأي العام المصري، ويسعون إلى استرداد نفوذهم في المنطقة الذي تراجع منذ إبرام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، حيث تم اعتبار مصر بعد تلك المعاهدة حليفاً متوقعاً لواشنطن وللإسرائيليين. الخطوة الأولى التي ظهرت على السطح كانت يوم الأربعاء الماضي، حيث تم توقيع اتفاق مصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" في القاهرة. التحول المصري قد يغير توازن القوى في الشرق الأوسط، إسرائيل تقول على لسان أحد مسؤوليها إنها منزعجة من التطورات المصرية الأخيرة، خاصة التقارب بين القاهرة وطهران وتجديد العلاقات بين مصر و"حماس".، وهذا ما يراه الإسرائيليون أمراً يحمل طياته تداعيات استراتيجية على أمن إسرائيل، ويقول أحد المسؤولين الإسرائيليين إن "حماس" في الماضي كانت قادرة على إعادة تسليح نفسها، حتى في الوقت الذي كانت القاهرة تبذل جهوداً من أجل منع الحركة من التسليح، والآن إلى أي مدى يمكن للحركة تعزيز أسلحتها خاصة بعد إن أوقفت مصر جهود منع "حماس" من إعادة التسلح؟ التقرير نقل تصريحات أطلقتها السفيرة منحة باخوم المتحدثة باسم الخارجية المصرية مفادها إن إغلاق الحدود مع قطاع غزة والتزام مصر بهذا الإغلاق يعد أمراً مشيناً، وإن مصر تنوي فتح هذه الحدود قريباً. حماية المدنيين تحت عنوان "حماية الأرواح في ليبيا"، نشرت "واشنطن بوست" الأربعاء الماضي افتتاحية رأت خلالها أنه عندما حاول الرئيس الأميركي وضع شروط للتدخل في ليبيا، قال في 18مارس الماضي: جميع الهجمات ضد المدنيين يجب أن تتوقف، وعلى القذافي أن يوقف زحف قواته بعيداً عن أجدابيا ومصراتة والزاوية، وأن يتم تدشين خطوط لإمداد الليبيين في جميع المناطق بالماء والغاز والكهرباء. لكن بعد 8 أسابيع من غارات"الناتو"، تم طرد قوات القذافي من بنغازي وأجدابيا، لكن "الزاوية" ظلت تحت سيطرة قوات القذافي، وبقيت مصراتة محاصرة، وتعرضت هذه المدينة، وهي ثالث أكبر مدينة ليبية، إلى قصف صاروخي أدى إلى نزوح مئات الآلاف من اللاجئين، وفي غضون ذلك تزداد حصيلة القتلى يوماً بعد يوم. وحسب مفوض الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية، فإن الهجمات التي تشنها قوات القذافي تعوق وصول الإمدادات إلى المناطق المحاصرة، وفي بعض الأحيان يكون من المستحيل توصيل المساعدات الإنسانية عبر البحر، ومياه الشرب في بعض المناطق توشك على النفاد. الصحيفة تقول إن الولايات المتحدة وحلفاءها فشلوا في المهمة الأساسية الخاصة بحماية المدنيين الليبيين، لكن هذا الفشل لم يسفر- على ما يبدو- عن رفع درجة الخطر لدى إدارة أوباما، خاصة وأن الخارجية الأميركية تتحدث عن مواصلة العمل من أجل تحقيق الأهداف التي وضعها أوباما، وحسب مسؤول أميركي: "مر الآن شهر لكن علينا التحلي بدرجة من الصبر حتى يتم تنفيذ المهمة". الصحيفة تقول إن جاذبية التحلي بالصبر قد تكون منطقية لكن في حالة واحدة، وهي إذا كانت الولايات المتحدة و"الناتو" يفعلان كل ما هو ممكن لوقف عمليات قتل المدنيين، وذلك وفق القرار الأممي رقم 1973، لكن هذا- حسب الصحيفة- لم يتم. أوباما حتى الآن يفض مشاركة الطائرات الأميركية الفاعلة في مهاجمة الأهداف البرية كـAC-130 وU.S.A-10، وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي يرى أن قرار الأمم المتحدة يسمح بإمداد الثوار بالسلاح ، فأنه لم يعط تفويضاً بتسيير سفينة إمدادات تحمل مواد غير خطرة قيمتها 25 مليون دولار. صحيح أن السفير الأميركي لدى ليبيا نقل انطباع مبعوث الخارجية الأميركية الذي التقى الحكومة الانتقالية الليبية قائلاً إن تلك الحكومة جديرة بالدعم الأميركي، لكن إدارة أوباما لم تعترف حتى الآن بمجلس الحكم الانتقالي، وذلك على العكس من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا فثلاثتهم اعترفوا بالمجلس. الصحيفة نوهت إلى الخسائر البشرية التي يتعرض لها الليبيون، فالسفير الأميركي يتوقع حصيلة قتلى تتراوح ما بين 10آلاف إلى 30 ألف ليبي، ما يعني أنه إذا كانت ثمة خطوات لوقف تزايد هذا العدد، فعلى أوباما أن يتخذها، وذلك في إشارة إلى نشر بعض الأسلحة إضافة إلى طائرات من دون طيار، وتقديم السلاح للثوار. قيادات جديدة خصص "بن أرنولدي" تقريره المنشور الأربعاء الماضي في"كريستيان ساينس مونيتور"، لرصد ما قد تسفر عنه التغيرات المرتقبة في صفوف الكوادر الأميركية المعنية بالمسألة الأفغانية. الكاتب يرى أن تلك التغييرات قد تثير قلق بعض الأفغان الذين لا يقبلون رحيلاً مفاجئاً لشخصيات أميركية لديها خبرة بالساحة الأفغانية. لكن الخطوة الأميركية المرتقبة ربما تجعل بعض الأفغان يأملون في بداية جديدة خاصة بين الرئيس لأفغاني والمبعوثين الأميركيين. وحسب التقرير، فإن على قائمة الرحيل من هذا البلد: كارل إيكتنبيري" السفير الأميركي في أفغانستان، والجنرال "ديفيد بيتراوس" القائد الأعلى للقوات الأميركية في أفغانستان، ونائبه "ديفيد رودريجز". ولدى هؤلاء الثلاثة قرابة عشر سنوات من الخبرة في العمل داخل أفغانستان...هذا بالإضافة إلى وفاة ريتشارد هولبروك، (في ديسمبر الماضي) الذي كان يشغل منصب المبعوث الأميركي هناك. الساحة الأفغانية معقدة تضم في ثناياها أبعاداً قبلية، وعناصر متمردة قائمة على بنى غير مركزية، لذا فإن تغيير ثلاثة عناصر أميركية دبلوماسية وعسكرية مرة واحدة، خاصة وأنهم يمتلكون خبرة في المنطقة، قد يثير قلق الأفغان، خاصة ممن يخشون ضياع الوقت في تغيير الشخصيات. وضمن هذا الإطار، تقول "فوزية كوفي" عضو البرلمان الأفغاني إن "التغيير السريع للأشخاص يجلب المزيد من انعدام الأمن للأفغان، وقد يؤشر إلى عدم الاهتمام بالبلد". وتواصل النائبة الأفغانية القول إن السفير "إيكنبيري" يعرف جميع التفاصيل السياسية الأفغانية، أي (من ألفها إلى يائها)، فهو أمضى 4 سنوات ونصف في البلاد، حيث عمل في تأسيس الجيش الأفغاني، ثم التحق بمهمة "الناتو، وأخيراً خدم سفيراً لواشنطن في أفغانستان، من المتوقع أن يخلفه في المنصب "ريان كروكر" السفير الأميركي في العراق. "إيكنبيري" كان سفيراً نشطاً يتحدث نيلبة عن الأفغان في قضايا الفساد، وثمة تسريبات حول تحفظات هذا السفير على الرئيس الأفغاني وسياسته تجاه الفساد وعدم فعالية حكومته. لكن ثمة وجهة نظر أخرى تتبناها "مريم صافي" الباحثة بمركز دراسات الصراع والسلام في كابول، مفادها أن وصول سفير أميركي جديد إلى أفغانستان سيكون بمثابة بداية جديدة للتواصل مع الرئيس الأفغاني. إعداد: طه حسيب