اضطلع الإنفاق الحكومي بدور حيويّ في دعم النمو الاقتصادي في ظل "الأزمة المالية العالمية"، التي أضعفت قدرة قطاع الأعمال والقطاع العائلي على الإنفاق بشقّيه الاستهلاكي والاستثماري، فاتجهت الحكومات إلى الإنفاق بكثافة لدفع اقتصادها نحو التعافي، وهو ما ينطبق على دولة الإمارات، التي يصل نصيب الحكومة فيها من إجمالي المشروعات الكبرى تحت الإنشاء حالياً إلى نحو 80 في المئة، في حين يضطلع القطاع الخاص بالجزء المتبقي البالغ نحو 20 في المئة من تلك المشروعات، وذلك وفقاً للبيانات التي صدرت عن "المؤتمر الأول للخراسانة مسبقة الصنع" (بريكاست)، الذي تم تنظيمه في أبوظبي مؤخراً. إذا كان الإنفاق الحكومي هو المنوط به الدور الرئيسي في دعم الدورة الاقتصادية في أي دولة في أوقات الأزمات، وهو أمر منطقيّ لتعويض تراجع الإقبال على الإنفاق من قبل رؤوس الأموال الخاصة، فإن الوضع يكون مغايراً في أوقات الرواج والازدهار وبعد انحسار الأزمات وانقشاع تداعياتها، حيث يكون من الضرورة بمكان في مثل تلك الظروف أن يضطلع الإنفاق الخاص بمسؤوليته في حمل لواء العمل والإنتاج، وهو ما يجب أن يحدث خلال الفترة المقبلة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي الدول التي تعيش ظروفاً اقتصادية مماثلة، فقد تمكّنت هذه الدول خلال الفترة الماضية من التغلّب على أوجاعها الاقتصادية، وأن تدفع اقتصاداتها نحو النمو والتعافي بشكل شبه نهائي من تداعيات "الأزمة المالية العالمية". يسهم القطاع الخاص في الظروف الاقتصادية الطبيعية بالنسبة الكبرى من النشاط الاقتصادي، وبالتالي في الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يحدث بالفعل في الاقتصادات المتقدّمة في أوروبا والولايات المتحدة واليابان، حيث تزيد نسبة إسهام هذا القطاع على ثلاثة أرباع الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد الأميركي على سبيل المثال، في حين تتراجع النسبة إلى حد كبير في دول الخليج العربية، كدولة الإمارات التي تصل فيها هذه النسبة إلى أقل من 20 في المئة، وفقاً لدراسة أعدّتها "دائرة التنمية الاقتصادية" في أبوظبي، وهو ما يلقي الضوء على دور القطاع الخاص ومدى تحمّله المسؤولية كشريك في التنمية ودعم النمو الاقتصادي في المنطقة الخليجية كلها، وفي دولة الإمارات بوجه خاص. تعتبر دولة الإمارات واحدة من الدول ذات التجارب الناجحة في تطوير المناخ الاستثماري وإتاحة البيئة التشريعية والتنظيمية المرنة وتطوير البنى التحتية والتكنولوجية المناسبة لممارسة الأنشطة الاقتصادية باختلاف تنويعاتها وتصنيفاتها، وبرغم أن القطاع الخاص لم يضطلع بدوره كاملاً كشريك استراتيجي في دفع عجلة النمو والتنمية الاقتصادية حتى الآن، فإن السنوات القليلة الماضية قد شهدت تغيّراً مهماً في الاتجاه الإيجابي نحو تدعيم دور هذا القطاع في النشاط الاقتصادي، فقد تضاعف حجم استثماره خلال الفترة ما بين عامي 2005 و2009 بما يقرب من 4 مرات، مرتفعاً من نحو 68.3 مليار درهم إلى نحو 246 مليار درهم، بمعدل نمو سنوي يقدر بنحو 56 في المئة، ونتيجة لهذا النمو الكبير فقد ازداد حجم الإنفاق الاستثماري الخاص إلى ما يقدر بنحو 27 في المئة من إجمالي الطلب الكلي في الاقتصاد الوطني نهاية الفترة المذكورة، وفقاً لبيانات "وزارة التجارة الخارجية" الإماراتية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.