جاء إطلاق جائزة "وزير الداخلية للتميّز" مؤخراً ليعكس بوضوح الفلسفة التي تنطلق منها وزارة الداخلية، التي تعلي من التميّز والارتقاء بالأداء، وتترجم في الوقت نفسه رؤية الدولة وقيادتنا الرشيدة الخاصّة بالتطوير المؤسسي في وزارات القطاعين الحكومي والخاص ومؤسساتهما كافة، للنهوض بالمجتمع في مختلف المجالات. ولعل ما يضفي أهميّة خاصة على هذه الجائزة أنها تستهدف في الأساس نشر ثقافة التميّز بين مختلف مؤسسات الدولة، فهي لا تقتصر على وزارة الداخليّة بإداراتها المختلفة، وإنما تتجه كذلك عبر فئاتها الثلاث إلى قطاعات المجتمع كافة، مؤسسات وأفراداً، بمن فيهم القيادات والإدارات العامة والإدارات المحليّة والاتحاديّة التابعة لوزارة الداخلية على مستوى الدولة، حيث تتضمن العديد من مجالات التميز المؤسسيّ، كالموظف المثالي، والموارد البشرية، وخدمة المتعاملين، وأفضل فريق عمل مشترك، وإدارة المعلومات والمعرفة والتخطيط، وإدارة الأداء، والاستخدام الأمثل للخدمات الإلكترونيّة، والاتصال الحكومي والإبداع، علاوة على جائزة "الخدمة المجتمعية"، التي ستمنح لأفراد المجتمع الذين يقومون بإسهامات بطولية وتطوّعية في مساعدة الوزارة في أحد مجالات عملها الشرطيّة والدفاع المدني والجنسية والإقامة والمنافذ. جائزة "وزير الداخلية للتميز" تأتي في سياق عام يشجّع على نشر ثقافة التميز بين وزارات الدولة ومؤسساتها المختلفة، فهناك "برنامج الشيخ خليفة للتميز الحكومي"، الذي تنفّذه وزارة تطوير القطاع الحكومي، ويتضمن العديد من المبادرات الرائدة التي تطبّق معايير عالمية للجودة والتميز في القطاع الحكومي في الدولة، والتي أسهمت بصورة كبيرة في تطوير الأداء لدى كثير من المؤسسات والجهات الحكوميّة، وهناك كذلك "جائزة الإمارات للأداء الحكومي المتميز" التي تمنح لأفضل الوزارات والهيئات الحكوميّة الاتحاديّة. حينما يتحول التميز إلى ثقافة في أيّ مجتمع من المجتمعات، فإن ذلك يكون دليلاً على حيوية هذا المجتمع وامتلاكه الأساس القوي للتقدّم والرقي، وهذا لا شك أنه ينطوي على مردودات إيجابية عديدة، أولها الارتقاء بالأداء داخل مؤسسات الدولة ليصل إلى المستويات العالميّة المطلوبة، فوجود جائزة تمنح للمتميزين، مؤسسات أو أفراداً، يحفز على الارتقاء بالأداء ومستوى الخدمات التي تقدّم إلى أفراد المجتمع، ولعل حصول دولة الإمارات العربية المتحدة على المرتبة الرابعة عالمياً في مجال كفاءة خدمات الشرطة، وفق تصنيف "التقرير الدوليّ لتمكين التجارة 2010" الذي يصدر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي"، يؤكّد ذلك. فهذه الجائزة تعكس بوضوح مستوى التميز الذي حققته وزارة الداخلية بالنسبة للخدمات التي تقدّمها إلى أفراد المجتمع، التي باتت تضاهي المعايير العالمية، سواء في جودتها، أو في سرعة إنجازها. ثانيها التنافس الإيجابي البنّاء بين مؤسسات الدولة المختلفة، فحينما يتم تكريم مؤسسة ما لإنجازاتها وتميزها، فإن ذلك سيكون حافزاً للمؤسسات الأخرى على الإنجاز والتميّز، وتكون النتيجة العامة لذلك كله هي الارتقاء بالأداء الحكومي والنهوض به، وهذا يخدم بالطبع الاستراتيجيّة الاتحاديّة للحكومة، التي تستهدف إحداث تغيير إيجابي في ثقافة العمل ومنهجيته، للانطلاق نحو التميز في الأداء. ثالثها أن تكريم المتميزين من الأفراد يصبّ في خدمة الارتقاء بالموارد البشرية، لأنه يدفع الأفراد العاملين في مؤسسات الدولة المختلفة إلى تنمية مهاراتهم، وإتقان المهامّ التي يمارسونها، وهذا الأمر فوق أنه يسهم في بناء الكوادر الوطنية المؤهلة في مختلف المجالات، فإنه يعدّ مدخلاً مهماً نحو اكتشاف المواهب البشرية التي تقدم إضافات مهمّة في مسار التنمية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.