اضطرابات الشرق الأوسط... ومستقبل عملية السلام حادثة إطلاق النار في نابلس، وتأثير احتجاجات الشرق الأوسط على عملية السلام، وانتقال الاضطرابات إلى سوريا، وخطاب نتنياهو المرتقب في واشنطن... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. إطلاق النار في نابلس: خصصت "هآرتس" افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء للحديث عن واقعة إطلاق النار في نابلس التي أسفرت عن مقتل إسرائيلي على يد قوات الأمن الفلسطينية، فرغم الضجة التي أثارها الحادث في الأوساط الإسرائيلية ومسارعة البعض، خاصة من اليمين، إلى كيل الاتهامات للسلطة الفلسطينية ونعت شرطتها في الضفة الغربية بالإرهاب ومعاداة الإسرائيليين ترى الصحيفة أنه من الأفضل التروي وانتظار التحقيقات، معتبرة أن ما جرى وإن كان أليماً إلا أنه لا يرقى إلى الجريمة المدبرة أو المقصودة، فالمواطنون الإسرائيليون الذين كانوا متجهين إلى الضفة الغربية لزيارة قبر النبي يوسف بنابلس لم يتوقفوا على ما يبدو في نقطة التفتيش الفلسطينية، وهو ما دفع قوات الأمن إلى إطلاق الرصاص، فقد كان يتعين على السياح الإسرائيليين أن ينسقوا مع الجيش الإسرائيلي الذي بدوره يطلع السلطات الأمنية في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية، ومن دون هذا التنسيق الأمني بين الجانبين يتعذر المرور إلى المناطق الفلسطينية، هذا التنسيق تم التفاهم عليه بين الطرفين منذ مدة باعتباره الآلية المناسبة لتنظيم مرور الإسرائيليين إلى الضفة الغربية والعكس، كما تذكر الصحيفة التي تدعو إلى التعقل وعدم التسرع إلى اتهام الجانب الفلسطيني، بالحوادث المماثلة التي أطلق فيها جنود إسرائيليون النار على مدنيين فلسطينيين كانوا متوجهين إلى إسرائيل بسبب عدم التنسيق، بل في بعض الحالات سقط مواطنون إسرائيليون بنيران صديقة أطلقها جنود لاشتباههم في هوية العابرين، ولوضع حد لمثل هذه الحوادث تدعو الصحيفة إلى تكثيف التعاون الأمني بين الجانبين وزيادة التنسيق مع مواصلة التحقيق في حادث نابلس، حتى تتضح الثغرات وتحدد المسؤوليات. اضطرابات الشرق الأوسط: تساءلت "ناتشا موزجوفايا"، في مقالها المنشور يوم الإثنين الماضي بصحيفة "هآرتس" عن مصير عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في ضوء ما تشهده المنطقة من انتفاضات شعبية ومن متغيرات سياسية أطاحت بأنظمة كانت صديقة للدولة العبرية، فضلاً عن التحركات الدبلوماسية الجارية على قدم وساق لتأمين اعتراف دولي بفلسطين كدولة مستقلة، هذا المصير الذي أشارت إليه الصحيفة يلفه الكثير من الغموض، فبعدما حددت السلطة الفلسطينية شهر سبتمبر المقبل كآخر أجل للتقدم بطلبها إلى الجمعية العامة بالأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية تجد الإدارة الأميركية نفسها في حيرة من أمرها، فهي تريد أن تستبق هذا الطلب بطرح رؤية أميركية مفصلة يرى البعض أنها هذه المرة قد تتضمن خطة للسلام تفرضها أميركا على الأطراف وتتخلى عن دورها المقتصر على تسهيل التفاوض، لكن من جهة أخرى يبدو أوباما متخوفاً من خطة كهذه قد تطيح بطموحاته الانتخابية، هذا في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل التحولات الإقليمية بكثير من الشك والريبة دفع بنيامين نتنياهو إلى التفكير في طرح خطته الخاصة أمام الكونجرس الأميركي، وهي خطة تتوقع الكاتبة ألا ترقى إلى المطلوب وتقتصر على مشروع دولة مؤقتة بترتيبات مفتوحة زمنياً. ويضاف إلى ذلك تغير النظام في مصر والتساؤل حول مستقبل اتفاقية السلام، فرغم الترويج الجاري للديمقراطية في المنطقة باعتبارها مكسباً قد تستفيد منه إسرائيل، تذكر الكاتبة أيضاً بأن انبثاق حكم الشعب لا يعني بالضرورة أنه سيكون صديقاً لإسرائيل، لا سيما في ظل استطلاع الرأي الذي أجراه معهد "بيو" للأبحاث وكشف أن 54 في المئة من المصريين يريدون إنهاء اتفاقية السلام مع الدولة العبرية فيما لم يعبر سوى 36 في المئة عن رغبتهم في استمرارها. سوريا والتدخل الغربي: في افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء، تدعو صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى ضرورة التدخل في سوريا لوضع حد لما تقول إنه استخدام مفرط للعنف ضد المتظاهرين، فحسب الصحيفة لم تعد سوريا استثناء، أو بلداً منعزلاً عما يجري في المنطقة من انهيار للأنظمة الشمولية التي حكمت شعوبها بالحديد والنار، والأمر بالنسبة لسوريا، تقول الصحيفة، يتخذ أبعاداً أخطر بالنظر إلى السوابق التاريخية، مشيرة في هذا السياق إلى حوادث حماة عام 1981 التي أطلق فيها النظام آلته القمعية لتطال 10 آلاف مواطن أغلبهم من المدنيين سقطوا لأنهم من "الإخوان المسلمين"، لذا تطالب الصحيفة المجتمع الدولي، والغرب خصوصاً، بمراقبة الوضع عن كثب في سوريا لعدم تكرار الجرائم ضد المدنيين، لا سيما في ضوء التقارير الإعلامية التي تتحدث عن محاصرة عسكرية للمدن واقتحام درعا وغيرها باستخدام الدبابات والآليات العسكرية الثقيلة، حيث وصل عدد القتلى منذ اندلاع الاحتجاجات الأولى في 18 مارس الماضي إلى أكثر من 300 قتيل، ورغم عجز الغرب عن التأثير الفعال في سوريا كما بينت ذلك تسريبات ويكيليكس التي كشفت فشل غربي في الضغط على سوريا في العام 2005 بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، تطالب الصحيفة بالوقوف إلى صف الشعب السوري ودعم انتفاضته لكن دون أن تصل المطالبة إلى حد الدعوة إلى تغيير النظام، مفضلة فتح أبواب حوار حقيقي بين كافة أطياف الشعب، ومحذرة من انتقام الطوائف من بعضها البعض، أو تسلم الإسلاميين السلطة في بلد على مرمى حجر من إسرائيل. نتنياهو وخطاب واشنطن: قلل الصحفي والمعلق الإسرائيلي، "جادي تاوب" في مقاله بديعوت أحرنوت في الأسبوع الماضي من أهمية ما سيحمله خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بينامين نتنياهو، في واشنطن من مضامين، متوقعاً أن يأتي على شاكلة خطاب بار إيلان السابق الذي جاء بوعود فضفاضة لم تنجح في دفع عملية السلام، وذلك لسبب رئيس يُرجعه الكاتب إلى غياب نخبة سياسية تتمتع بمواصفات القيادة وببعد النظر، إذ يفضل السياسيون الاهمتام بالانتخابات والاستمرار في السلطة أكثر من انشغالهم بوضع إسرائيل في المنطقة، فالخطاب المتوقع سيكون متأخراً ولن يتمكن من دفع ما أسماه وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، بـ"تسونامي دبلوماسي" الذي سيضع الدولة العبرية في حرج كبير أمام المجتمع الدولي، ففي حال اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، كما هو مرجح، سيتحول التواجد الإسرائيلي في الضفة الغربية إلى احتلال سافر، وستعاني إسرائيل من عزلة حقيقية على الصعيد الدولي، ولن تستطيع الدولة العبرية الحفاظ على طابعها الديمقراطي لتقترب أكثر من نظام الفصل العنصري الذي كان سائداً في جنوب أفريقيا، فلو أن قادة إسرائيل حسموا أمرهم مع حتمية التقسيم وقيام دولة فلسطينية في حدود 67 مع تبادل طفيف للأراضي لأمكن تجنب العديد من المشاكل الدبلوماسية، بل وضمان مستقبل إسرائيل بإلغاء حق عودة اللاجئين الذي يطالب به الفلسطينيون لأنه سيعني في هذه الحالة رجوعهم إلى دولة فلسطينية، وليس إلى داخل الخط الأخضر، كما سيكفل لإسرائيل أغلبية يهودية على مدى الأجيال القادمة عكس التخوف الحالي إذا ما انضم الفلسطينيون إلى الدولة العبرية، وأخيراً ينتقد الكاتب اقتصار الساسة الإسرائيليين على ردود الأفعال كلما لوح الفلسطينيون بخيار إعلان الدولة أحادياً في غياب مبادرات جريئة وحقيقية تصالح إسرائيل مع المجتمع والقانون الدوليين. إعداد: زهير الكساب