قرأت مقال جيفري كمب، "الصحة والدفاع... التزامات أميركية مكلفة"، فشعرت بقلق ينتابني، وذلك لأنه لا مستقبل لعالم اليوم بدون الولايات المتحدة كأعظم قوة اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية ومعرفية... فكيف إذن يكون شعور المواطن الأميركي إذا ما عرف أن بلاده في طريقها للإفلاس ما لم تعدل عن سياستها الإنفاقية الحالية، بما في ذلك تخفيض ميزانية الرعاية الصحية، والتخلي عن الالتزامات العسكرية الخارجية! إنه خيار صعب للغاية؛ فتقليص ميزانية برامج الرعاية الصحية، يعني رفع الغطاء عن عدة ملايين من الأميركيين غير القادرين على تأمين نفقات العلاج، بما يترتب على ذلك من مآس صحية واجتماعية. أما إحجام الولايات المتحدة عن تمويل الآلاف من قواعدها وقواتها العسكرية وأساطيلها البحرية في الخارج... فهو خيار عسير للغاية كونه يعني التخلي عن مكانتها العالمية؛ العسكرية والسياسية والاقتصادية. وكما قال بول كنيدي منذ عدة أعوام فإن الأعباء المالية للدور الأميركي العالمي، ستتعاظم وستكون السبب القاصم لظهر الإمبراطورية الأميركية، لكن يبدو أيضاً أن التراجع عن الاستمرار في تحمل تلك الأعباء سيكون هو الآخر تهديداً لبقاء تلك الإمبراطورية، وبالتالي تهديداً للعالم كله تقريباً. عبده سعيد -القاهرة