تتعدّد المؤشرات التي تدلل على متانة الاقتصاد الإماراتي في الوقت الحالي، فوفقاً لتقرير أخير لـ "بنك التسويات الدوليّة" بلغ إجمالي حجم السندات التي أصدرت في الدولة حتى نهاية عام 2010 نحو 85.3 مليار دولار، بعد أن شهد ذلك العام إصدار ما قيمته نحو 10.7 مليار دولار من تلك السندات، وقد جاءت دولة الإمارات على رأس دول منطقة الخليج العربية، وفقاً لمؤشر حجم السندات الصادرة خلال الأعوام الماضية، حيث استحوذت على نحو 52.1 في المئة من إجماليّ قيمة السندات الصادرة على مستوى المنطقة كمتوسط سنويّ على مدار الفترة بين عامي 2007 و2010. إنّ الإصدارات الكبيرة للسندات في دولة الإمارات، التي شهدت إقبالاً كبيراً من قبل المكتتبين من الداخل والخارج، وصل في معظم الإصدارات إلى نحو ثلاثة أضعاف قيمة السندات المطروحة للاكتتاب، تعبّر عن أن الاقتصاد الإماراتي يحوز ثقة كبيرة من قبل المستثمرين المحليين والأجانب في ظل أدائه المزدهر برغم تداعيات "الأزمة الماليّة العالميّة"، كونه يشهد حالة من التعافي الكبير إذا ما قورن بأدائه في المراحل الأولى من بداية الأزمة، أو بأداء الاقتصادات الأخرى التي تعيش ظروفاً مشابهة في الوقت الحالي. يعيش الاقتصاد الإماراتيّ حالياً حالة من الانتعاش تبدو مظاهرها واضحة في التصاعد المستمر في معدلات النمو الاقتصادي من فترة إلى أخرى، المتزامن مع ارتفاع معدلات التنويع الاقتصاديّ بعيداً عن القطاع النفطي، وحالة الازدهار على مستوى التجارة الخارجيّة، وكذلك يشهد الاقتصاد الإماراتيّ في الوقت الحالي انخفاضاً في حجم الضغوط التضخمية لم يشهده منذ سنوات عدّة، إلى جانب الفائض في الموازنة العامة للدولة، وتراجعاً في حجم الدَّين الخارجي، بالتزامن مع تزايد في حجم الاحتياطات النقدية من العملات الأجنبيّة، وإلى جانب هذا وذاك، فإن الوضع التنافسي للاقتصاد الإماراتي يزداد تحسّناً من عام إلى آخر وفقاً للمؤشرات التي تصدرها المؤسسات الدولية كـ "المنتدى الاقتصادي العالمي" و"البنك الدولي". إن هذا الأداء المتوازن والمستقر في اتجاه التعافي والخروج بشكل كامل من تداعيات "الأزمة الماليّة العالميّة" جعل من الاقتصاد الإماراتي مناخاً ملائماً وآمناً للاستثمار الأجنبي، ورؤوس الأموال المتنقلة عبر الحدود الدوليّة بحثاً عن ملاذ آمن، وهو ما تظهر تجلياته في مستوى الإقبال الخارجي على السندات الصادرة في الدولة، في الوقت الذي ما زالت فيه معظم الاقتصادات تعاني بعض مظاهر عدم الاستقرار في الأداء. توفّر الظروف الحالية فرصة للاقتصاد الإماراتي لاجتذاب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية كبديل جيد للتمويل، التي يمكن أن تقوم بدور مكمّل للإنفاق الحكومي كمصدر إضافي لتمويل المشروعات التنموية الكبرى المخطّط لتنفيذها خلال السنوات المقبلة. وإلى جانب هذا الدور التمويلي المباشر الذي تقوم به رؤوس الأموال الأجنبيّة، فهي تقوم بدور آخر غير مباشر من خلال إتاحتها الفرصة للدول المستقبلة لها لنقل التكنولوجيا، ومن ثم تعميم الاستفادة منها في القطاعات والأنشطة الاقتصاديّة الوطنيّة، ما ينعكس بالإيجاب على مستويات الإنتاجية، وبالتالي على حجم القيمة المضافة بهذه الأنشطة بالشكل الذي لا يمكن حدوثه في حال الاعتماد على الاستثمار المحليّ بمفرده. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية