من الطبيعي أن يركز الإسرائيليون على تطور الأوضاع في مصر وسيناريوهات المستقبل منذ اندلاع ثورة 25 يناير. وأعتقد أنه من المهم لنا في العالم العربي أن نقوم بدراسة شاملة لرصد التفاعلات الإسرائيلية مع هذه الثورة، ليس فقط من باب التوثيق للنظرة الإسرائيلية، ولكن أيضاً من الباب البديهي، وهو معرفة كيف يفكر فينا الإسرائيليون ودوافع أفكارهم؟ وسأتوقف عند معالجة نشرت بعد تنحي الرئيس المصري السابق في 11 فبراير الماضي، حيث بدأت التساؤلات الإسرائيلية عن الآثار المرتقبة للوضع في مصر على معاهدة السلام وعلى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. المعالجة أخذت صورة استطلاع لرأي الجماهير اليهودية والعربية في إسرائيل نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" بتاريخ 2011/2/28، تحت عنوان ماذا سيحدث في مصر؟ أعداه البروفيسور "آفرايم ياعر" والبروفيسور تمار هيرمن. جاءت نتيجة الإجابة عن سؤال حول توقعات الجمهور لشكل نظام الحكم المقبل في مصر على النحو التالي: قال 70 في المئة من العينة إنهم يعتقدون أن قيام حكم ديمقراطي خلال وقت قصير يمثل احتمالاً ضعيفاً. وحول احتمال قيام حكم إسلامي راديكالي طبقاً للنموذج الإيراني اعتقد 49 في المئة أن هذا احتمال قوي، ورأت نسبة 41 في المئة أنه احتمال ضعيف. أما العينة العربية، فقد أظهرت موقفاً متفائلاً تجاه التطور الديمقراطي في مصر، حيث اعتقدت نسبة جارفة وصلت إلى 74 في المئة أن احتمال قيام حكم ديمقراطي يمثل الاحتمال الأقوى، في حين رأت أقلية نسبتها 26 في المئة أن قيام حكم إسلامي راديكالي هو الاحتمال الأرجح. وفي مقدورنا أن نلاحظ أن توقعات اليهود متأثرة بتحليلات الكتاب وتوجهات الساسة الإسرائيليين الذين يروجون لفكرة الخطر المقبل من مصر. إن هذه الفكرة قادها رئيس الوزراء نتنياهو منذ اليوم الأول للثورة بهدف إقناع الولايات المتحدة وأوروبا بمساندة النظام السابق، وذلك من خلال التخويف من أن الثورة ستؤدي إلى قيام نظام حكم على النموذج الإيراني يتصادم مع الغرب. أما الجمهور العربي في إسرائيل، فإن توقعاته تأتي متسقة مع المعرفة بالصورة الحقيقية لما يجري في مصر من أن الثورة تمثل مزيجاً من القوى الديمقراطية والإسلامية، وأن التوجه العام سيفضي إلى حكم ديمقراطي. أما فيما يتعلق بالسؤال حول تأثير الثورة على معاهدة السلام، فقد رأى 47 في المئة من العينة اليهودية أن المعاهدة ستتأثر سلبياً، وأن السلام سيتعرض لهزة أو انهيار، وتدل هذه النسبة الغالبة على استمرار تأثير الساسة على عقول الجماهير حيث رأت نسبة 8 في المئة فقط، أن الثورة ستؤثر بشكل إيجابي على السلام، ورأى 19 في المئة أنه لن يكون هناك تأثير، ورأى 27 في المئة أنهم لا يعرفون. إن توجه الجمهور العربي يتفق في النسب العامة، ولكن من خلال ما اعتقد أنه أمنيات بأن يزداد الموقف المصري فاعلية وصلابة في مساندة القضية الفلسطينية مما يؤدي إلى توتر العلاقة مع إسرائيل، فقد رأى 40 في المئة توتراً في العلاقات وتوقع 34 في المئة عدم حدوث تغيير، واعتقد 19 في المئة أن السلام سيزداد دفئاً مع الثورة وقال 8 في المئة إنهم لا يعرفون.