طال النزول بالنازلين هنا، وتحول نزولهم من عبور مؤقت إلى إقامة دائمة، وتطور واقعهم من بضع أسر لاجئة إلى أكبر مخيم للاجئين في العالم... ذلك هو معسكر "داداب" للاجئين الصوماليين في شمال شرق كينيا. وقد وقفت هذه الفتاة وأخوها الصغير أمام مخبئهما في المخيم، يتطلعان نحو شيء ما، يكسر الروتين اليومي لحياة اللاجئين، وقد ناءت بالبصمات الثقيلة للبطالة والفقر، وباتت تشكو من تضاؤل العون الإغاثي الخارجي الذي لم يعد بالكاد يفي باحتياجات البقاء على قيد الحياة لمئات الآلاف من نزلاء المخيم. العودة إلى الوطن، حلم اللاجئين في كل مكان، لكن مع كل فصل جديد من فصول الصراع في الصومال، تبدو المسافة نحوه أبعد أمام المتطلعين للعودة. فقد فارقوه هرباً من الموت المنتشر على مساحة الحرب الأهلية وفي دروب الطموحات المتعاندة على عرش السلطة المحترق... وبدل أن يتطوع ناصح أمين لتحذير الحالمين من خطر العودة، فلسان الحال أبلغ من المقال، وخلاصة قوله إن الصومال لايزال ساحة حرب، وأن مدنه لم تفتأ تلقي بالآلاف من سكانها يومياً خارج الأسوار، على دروب النزوح واللجوء، الدروب التي أوجدت مخيم "داداب"، والتي تجعل ساكنيه يتطلعون نحو المجهول ولا يملون من التحديق في السراب... السراب!