الجائزة السنوية التي أعلنتها وزارة الداخلية، مؤخراً، تحت مسمّى "جائزة وزير الداخلية للبحث العلمي" تشكّل مبادرة مهمّة نحو تشجيع البحوث الأمنية، لكي تكون اقتراباً من القضايا التي تعبّر عن التحدّيات والهموم الأمنية التي تؤثر في أمن المجتمع واستقراره وسلامته. فهذه الجائزة ستمنح لأفضل ثلاثة بحوث في المجالات التي تخدم العمل الشرطي، سواء تعلّقت بالمجال الأدبي أو العلمي أو الفني أو التقني، وهي بهذا تستهدف إنشاء منظومة بحثية أمنية تسهم في تعزيز العمل الشرطي في مختلف المجالات، وفي بناء قاعدة معرفية قادرة على استيعاب العلوم الحديثة وتطبيقاتها المتعدّدة في المجال الأمني. إن التوجّه نحو تشجيع البحوث الأمنية أمر ينطوي على مردودات إيجابية عديدة، فبالإضافة إلى أنه يثري المكتبة الشرطية بالبحوث المعمّقة التي تخدم الدارسين والباحثين بوجه عام، فإنه يتفاعل مع القضايا المختلفة التي قد تهدّد أمن المجتمع واستقراره، حتى لو كانت ذات طبيعة اجتماعية أو اقتصادية، فهناك جملة من القضايا مثل المخدرات والإدمان وعنف الأحداث والاتجار بالبشر، والعنف الأسري، وغيرها الكثير تمثّل مجالاً خصباً للدراسة والبحث، ودراستها من منظور شامل يأخذ في الاعتبار أبعادها المختلفة، ولا شكّ في أنه يخدم أهداف الوزارة، ويجعلها أكثر قدرة في التعاطي مع التحدّيات التي تثيرها هذه القضايا بشكل علمي ومدروس. لقد عملت وزارة الداخلية في السنوات القليلة الماضية على تشجيع البحوث والدراسات الأمنية، إيماناً منها بأهميّة البحث العلمي في تطوير العمل الشرطي وتميّزه، ويحسب لها في هذا الشأن أنها استحدثت إدارة تحت مسمّى "الشكاوى والمقترحات" تقوم بدور حلقة الوصل بين الجمهور وإدارات الشرطة المختلفة، كما تحرص الوزارة على تفعيل آلية "استطلاعات الرأي"، التي توفر المعلومات الدقيقة والسليمة بشأن رأي أفراد المجتمع حول بعض القضايا أو الخدمات التي تقدّمها، وقد أثبتت فاعليّتها باعتبارها أداة مهمّة من أدوات البحث التي تساعد على وضع السياسات والاستراتيجيات التي تعبّر عن مطالب المجتمع واحتياجاته. في الوقت ذاته تحرص الوزارة على تطوير "كليّة الشرطة"، والاهتمام بالبحوث الأمنية والشرطية داخلها، من خلال تطوير المناهج التي يتم تدريسها للطلاب بحيث تراعي أحدث النظريات في مجال العمل الشرطي والأمني على الصعيد العالمي، ولعلّ موافقة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، على استحداث إدارة الدراسات العليا في الكليّة مؤخراً، التي بموجبها يتم فتح باب الانتساب للحصول على درجة الماجستير "حالياً" والدكتوراه في المستقبل القريب لمنح الدرجات العلمية في مجالات "الإدارة والقانون والعدالة الجنائية والعلوم الشرطية" يؤكد بوضوح حرص الوزارة على تشجيع البحوث والدراسات الأمنية المعمّقة. إن اهتمام وزارة الداخلية بالبحوث والدراسات الأمنية لا ينفصل عن سياسة التحديث والتطوير التي تتبعها الوزارة، والتي تعلي من قيمة التميّز والإبداع وتحرص على التفاعل الإيجابي والخلاّق بين أجهزة الأمن والجمهور، وتعمل على الأخذ بأحدث الأساليب والتكنولوجيات المستخدمة في العمل الشرطي على الساحة العالمية، ولذلك أصبحت الإمارات نموذجاً في مجال التميّز الأمني وكفاءة أجهزة الشرطة سواء في منع الجرائم قبل وقوعها أو ضبط مرتكبيها في وقت قياسي، وهذا لم يكن ليتحقق دون الدعم الذي تقدّمه قيادتنا الرشيدة، وحرصها المستمر على تفعيل دور المنظومة الأمنية لتكون قادرة على تحقيق الأمن بمفهومه الشامل لأفراد المجتمع كافة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية