أحد المفاتيح الرئيسية في نظام اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي، هو أن يتم وضع سياسات المناخ بناء على أدلة علمية مؤكدة. وفي الوقت الذي يتصارع فيه التكنوقراط بعيداً عن ذلك في مفاوضاتهم السياسية والتقنية تأخذ مجموعة من المعارك لنفسها مكاناً موازياً ضمن الجماعات العلمية، وذلك مما نلاحظه من تقارير تبثها أجهزة الإعلام العالمية. لقد تم تأسيس آلية للحوار بين الحكومات المختلفة تقوم على عدة أسس ترتكز علي وجود هيئة من العلماء الاستشاريين التابعين للأمم المتحدة تم تأسيسها عام 1988. وتعد المدخلات العلمية التي تأتي من هذه الهيئة ذات تأثير كبير في تصميم نظام الاتفاقية الإطارية حول التغير المناخي، كما تم الاتفاق عليها في مؤتمر الأرض الذي انعقد "ريو دي جانيرو" عام 1992. ومنذ ذلك الوقت قامت هذه المجموعة بنشر تقييمات علمية تلخص الحالة المتطورة للمعرفة العلمية الجماعية الخاصة بالتغير المناخي الملاحظ واقعياً والذي يتم التنبؤ به. والمربك في الأمر هو أن بعض السياسات العالمية الخاصة بالمناخ تقوم على نتائج علمية يعتد بها حيث تقوم الهيئة بتقديم ملخصات حول الأدلة العلمية على وجود تغير مناخي سلبي، لكن تلك الأدلة ليست ذات علاقة بالسياسات المتبعة، وفي كل مرة قامت فيها الهيئة بنشر تقييم علمي، لها تكون واثقة بأن الأرض تزداد درجة حرارتها بطريقة مثيرة للقلق، وبأن البشر هم السبب في ذلك بشكل مؤكد تقريباً. لقد أوضحت الهيئة العلمية بأن البشر يقومون بتغيير المحتوى البيئي للكرة الأرضية عن طريق حرق مصادر الوقود الاحفورية بكافة أنواعها، وإنتاج الأسمنت، وتعرية وجه الأرض، وبأن أنظمة الكرة الأرضية البيولوجية - الكيميائية تتأثر بذلك ولها ردود أفعالها العكسية التي تتجلى في تزايد انبعاث الغازات وتأكسد المحيطات وذوبان الجليد والانحباس الحراري وتزايد الجفاف والتغير في مواعيد فصول السنة خاصة الربيع وانقراض العديد من الكائنات الحية. إن كل ذلك يشير الى تزايد حرارة الأرض التي تفوق كثيراً معدل التقلبات المناخية المعتادة. لن ما يخلق حيرة، وربما معضلة لدى عامة البشر هو أن الأسس العلمية الخاصة بالعمليات السياسية القائمة على ما تنشره الهيئة العلمية المذكورة تعرضت للاهتزاز مؤخراً عبر حدثين مؤثرين حول صحة الأدلة التي يتم الاعتماد عليها. ففي أواخر عام 2009 خرجت الى العالم ما عُرف في وقته بقضية المناخ حين تم الكشف عن فضيحة علمية في إحدى الجامعات الغربية التي كانت تقف خلف أدلة غير مؤكدة أثارت تساؤلات حول العلماء الذين نشروها. والفضيحة الثانية ظهرت إلى النور في ربيع 2010 عندما اضطرت الهيئة العلمية إلى سحب ما قالته حول قضايا تتعلق بالتقلبات البيئية والطوبوغرافية للكرة الأرضية تم نشرها عام 2007 ثبت عدم وجود أدلة عليها، وتقول إن قمة جبال الهيملايا ستنحسر عنها الثلوج عام 2035، لكن العكس هو الذي حدث في السنوات اللاحقة. وبالتأكيد أن حالة من هذا القبيل تثير البلبلة وردود الأفعال العكسية، فالحالتان اللتين أشرنا إليهما أسهما في ظهور نوع من الرفض في أوساط السياسيين وصانعي وجهات النظر، والعامة الناخبة في دول الغرب لما يقال إنها أدلة علمية دامغة، فأين تكمن الحقيقة يا علماء المناخ وساسة الدول؟ أفيدونا أفادكم الله.