من يستعرض تاريخ التعليم في دولة الإمارات خلال العقد الأخير، يجد أنه كثير الطموحات قليل الإنجازات. ففي ورشة شهدها معالي وزير التربية والتعليم في الإمارات، ومعالي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، لفتت شركة "ماكنزي الدولية" الانتباه إلى المستوى المتواضع للتعليم في الدولة. فقد تراوحت مستويات الأداء في المدارس بين ضعيف ومقبول، وبررت الشركة سبب هذا المستوى لعدة عوامل منها أن التعليم في الإمارات متعدد الجهات بين الخاص والحكومي، ومتعدد اللغات، كما أنه لا يوجد نموذج محدد للتعليم، إضافة إلى أن جهود التطوير غير مستمرة ويتم تقييمها بأساليب متغيرة. هذه الملاحظات تستحق فعلاً، أن ندق بسببها ناقوس الخطر، فكل ملاحظة نعرفها حق المعرفة كآباء وتربويين، ولانشكك لحظة في طموحات قيادات التعليم في الدولة ونياتهم الصادقة وجهودهم المقدرة، لكننا في هذه اللحظة من تاريخ الأمة العربية حيث تسعى الدول لفحص مستقبلها على صعد مختلفة، يأتي التعليم في أول سلم الأولويات، فكيف تحولنا إلى ما نحن عليه؟ وكيف نخرج من هذا المنزلق؟ عندما أعلنت حكومة دبي إنشاء مجلس للتعليم فيها بهدف دعم جهود منطقة دبي التعليمية للارتقاء بالتعليم، هذا المجلس ضم عدداً من الخبرات المواطنة من التربويين ورجال الأعمال والمهتمين بالشأن العام، إضافة إلى مدير منطقة دبي التعليمية آنذاك، وقد كان لي شرف عضوية المجلس، كان هناك تفكير استراتيجي للتحقيق في طموحات رائدة في مجال إصلاح التعليم. وفجأة توقف عمل المجلس، وأنشئت "هيئة المعرفة" في دبي، كي تحل محله. ووقعت وزارة التربية في وقتها مذكرة مع هيئة المعرفة تتولى خلالها الهيئة باستقلالية غريبة الأطوار إدارة التعليم في دبي ، وبعد تعثر هيئة المعرفة في تحقيق الطموحات أمر صاحب السمو حاكم دبي بعودة منطقة دبي للعمل مرة أخرى، ولكن المفاجأة كانت أن منطقة دبي التعليمية ستشرف فقط على المدارس الحكومية و"هيئة المعرفة"، ستشرف على التعليم الخاص، فهل نحن بحاجة إلى هذه الفرقة؟ في أبوظبي كان القرار الحكيم بإنشاء "مجلس أبوظبي للتعليم" بقيادة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هذا القائد الذي لايوجد سقف لطموحاته. بدأ المجلس التخطيط لمستقبل التعليم، وكان فريق العمل شاملًا القطاع الحكومي والخاص من التربويين ورجال الأعمال، وضعت الخطة الاستراتيجية، وكما كانت تجربة دبي تكررت التجربة مرة أخرى في العاصمة أبوظبي، فكانت تجربة مدارس الشراكة التي تقوم خلالها شراكات مختلفة في ادارة التعليم، وهناك المدارس الخاصة، والنموذجية، والحكومية التي لم تطالها الشراكة بعد. نماذج من إصلاح التعليم في دبي وأبوظبي عشتها شخصياً وسردتها حسب تاريخها، لكن بعد عقد من الزمن آن لنا أن نقف وقفة مع التاريخ، كي نتداعى إلى مؤتمر خاص جداً لإصلاح التعليم، ومركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية مؤهل لتنظيمه. كي نتدارس خلاله الماضي، ونحدد بوصلة التحرك للمستقبل، لأن الموارد المالية وحدها لا تحقق النجاح في التعليم.