أعباء ليبيا... والاختبار الأسترالي في الصين ------- رد السلطات على الاحتجاجات الشعبية في سوريا، وانقسامات التحالف الدولي حول ليبيا، والسؤال حول هوية من سيترشح للانتخابات الروسية المقبلة... موضوعات استأثرت باهتمام الصحافة الدولية نعرض لها بإيجاز ضمن هذه الجولة السريعة. -------- "حرية الواجهة" صحيفة "لوسوار" البلجيكية أفردت افتتاحية عددها لأمس الخميس للتعليق على الاحتجاجات الشعبية المتواصلة في عدد من المدن السورية والقمع العنيف الذي قوبلت به من قبل السلطات. وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إن النظام السوري كان يعتقد في البداية أنه يمكنه الرد بالقوة العنيفة مقرونة ببضعة وعود بالإصلاح، غير أن إفراط السلطات الأمنية في قمع المحتجين أفضى إلى نتائج كارثية، حيث سقط ما يزيد عن مئتي قتيل. وبدلاً من وأد هذه الاحتجاجات في المهد، تقول الصحيفة، جاءت النتيجة عكسية حيث أجج قتل المحتجين المظاهرات وصب الزيت على النار، مثلما حدث في تونس ومصر. وعلى غرار ما حدث في هذين البلدين، انتقل المحتجون، أو جزء منهم على الأقل، من المطالب الاجتماعية إلى شعارات أكثر راديكالية تطعن في النظام ورئيسه. وفي نهاية المطاف، تتابع الصحيفة، انتهى الأمر بالنظام إلى الإصغاء إلى تظلمات المحتجين، حيث أُعلن عن رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ 1963. لكن النظام ما يزال حذراً، بل ومرتاباً حسب البعض، حيث يشير إلى "مؤامرات" خارجية تستهدف البلاد. ارتياب لم يساعد على تبديده حديث برقيات دبلوماسية كشفها موقع ويكيليكس عن مساعدة مالية أميركية رسمية لقناة تلفزيونية مقربة من المعارضة في المنفى. وتذهب الصحيفة إلى أنه من غير المتوقع، في المستقبل القريب، أن يتعاطى النظام مع الفساد الذي يمثل معضلة وطنية يجسدها أشخاص يشير إليهم السوريون بالإصبع. ولن يتم، في المستقبل القريب أيضاً، إلغاء الفصل الثامن من الدستور الذي ينص على أن حزب "البعث" هو قائد الدولة والمجتمع. وبذلك تكون سوريا قد "أخلفت وعداً مع التاريخ"، كما تقول الصحيفة. "الإسفين" الليبي في الناتو ضمن عددها لأمس الخميس، كتبت صحيفة "جابان تايمز" اليابانية حول الانقسامات التي بدأت تظهر على التحالف الدولي الذي يقوم بفرض منطقة حظر للطيران على ليبيا من أجل حماية المدنيين، مشيرة إلى أن هدف مهمة القوات الدولية بدأ ينتقل من توفير الحماية للمدنيين إلى تغيير النظام، لاسيما بعد قول أوباما وساركوزي وكاميرون إن مستقبلاً لليبيا في ظل حكم القذافي بات "مستحيلاً". غير أن هذه المطالبة بتغيير النظام لا تؤكد المخاوف من تدخل أجنبي في ليبيا، والتي كانت وراء التحفظ الروسي والصيني، فحسب، بل تقول الصحيفة إنها تنفر أيضا بعض البلدان الأعضاء في الناتو. فقد امتنعت ألمانيا عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي في السابع عشر من مارس الماضي، ولا تشارك في العمل العسكري خشية مزيد من الاضطرابات في البلاد، بينما تدعم إسبانيا وإيطاليا منطقة حظر الطيران، لكنهما ترفضان هجوماً برياً ضد قوات القذافي. كما أن مقاومة تكثيف الضربات الجوية ازدادت بعد استراتيجية إخفاء المعدات العسكرية بين السكان المدنيين التي يتّبعها القذافي، مما يزيد احتمال وقوع إصابات بين المدنيين. وعلاوة على ذلك، تضيف الصحيفة، يقدر مسؤولو الناتو أنهم بحاجة لعشر طائرات ذات دقة عالية في إصابة الأهداف؛ وقد طلبوا من الولايات المتحدة تزويدهم بها في قمة الناتو الأسبوع الماضي. لكن مسؤولين فرنسيين يقولون إن الطلب رُفض، بينما يقول نظراؤهم الأميركيون إنه لم يكن ثمة طلب رسمي وبالتالي لا يوجد رفض. وفي معرض تعليقها على هذا الأمر، تقول الصحيفة إن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة ليست حليفاً يمكن الاعتماد عليه؛ بل يعني أنه على البلدان الأوروبية أن تفهم أنها يجب أن تكون مستعدة للقيادة عند معالجة تخوفاتها المتعلقة بالأمن القومي، معتبرة أن الأمر لا يتعلق بتقاسم الأعباء فحسب، وإنما بإحدى الحقائق الجديدة لمرحلة ما بعد الأزمة المالية العالمية لـ2008، عالم تواجه فيه كل الدول قيوداً وإكراهات تتعلق بالموارد المالية. ميدفيديف أم بوتين؟ دان ماكلافلين، الصحفي المتخصص في أوروبا الشرقية، كتب بعدد أمس الخميس من صحيفة "آيريش تايمز" الإيرلندية مقال رأي استهله بالقول إنه مازال من غير الواضح، قبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية المقبلة في روسيا، ما إن كان ميدفيديف سيترشح لولاية رئاسية ثانية أم سيسمح لمدربه بوتين بالعودة إلى أعلى منصب في الدولة، بعد أن أرغمت القيود الدستورية بوتين على مقايضة الكريملن بولاية في مكتب رئيس الوزراء. غير أنه مع اقتراب موعد الانتخابات، يقول ماكلافلين، يبدو أن لا أحد من الرجلين يميل إلى الاستسلام، حيث زاد الفريقان المتنافسان الخطابات المؤيدة لزعيمهيما المفضلين، وبدأ مراقبو الكريملن يتساءلون ما إن كان ميدفيديف بدأ يستعذب السلطة كثيراً لدرجة تمنعه من التنحي لرئيسه السابق. فميدفيديف، وفي ما بدا محاولات لربط نفسه مع العناصر الأكثر تقدمية، بدأ تصوير بوتين باعتباره "رجل الأمس"، كما أخذ يدعم التحديث العاجل لروسيا ويحذر من "الركود"، معتبراً أن هوس بوتين بالأمن والاستقرار كان مناسباً بعد فوضى التسعينيات، أما اليوم فإنه يشد البلاد إلى الوراء. وفي ختام مقاله، قال ماكلافلين إن بوتين هو من اختار ميدفيديف ليخلفه لأنه كان حليفاً وفياً وقد اعتمد عليه منذ أوائل التسعينيات في بلدية بيترسبورج، قبل أن يتساءل: لكن هل مازال ميدفيديف مستعداً للتضحية بطموحاته، ورؤيته الخاصة حول روسيا حديثة، للرجل الذي جاء به إلى موسكو؟ اختبار لمؤهلات "جيلارد" صحيفة "ذا إيدج" الأسترالية اعتبرت ضمن افتتاحية عددها لأول أمس الأربعاء أن الجولة التي بدأتها رئيسة الوزراء الأسترالية جوليا جيلارد لشمال آسيا يوم الأربعاء تشكل اختباراً عسيراً لقدرتها على تمثيل مصالح أستراليا دولياً. فالولايات المتحدة مازالت الحليف الرئيسي لأستراليا، تقول الصحيفة، لكن أكبر أسواق الصادرات الأسترالية هي الدول الثلاث التي تزورها جيلارد قبل توجهها إلى لندن من أجل حضور الزفاف الملكي: الصين واليابان وكوريا الجنوبية. والعلاقة مع هذه البلدان الثلاثة مهمة لأسباب تتجاوز مسألتي التجارة والاستثمار؛ لكن العلاقة مع الصين، بشكل خاص، يمكن أن تحول مكانة أستراليا في العالم. ذلك أن عملية التصنيع السريعة التي تعرفها الصين تزيد من حاجتها الدائمة للموارد المعدنية لأستراليا، مما يخلق طفرة لا تلوح نهايتها في الأفق، حتى في هذه الأوقات التي تعرف تباطؤ النمو بسبب الاستهلاك الداخلي البطيء. وترى الصحيفة أن الإنصاف يقتضي، مبدئياً، أن تُعامل الشركات الصينية، عامة كانت أو خاصة، على قدم المساواة وكأي مستثمر دولي آخر في أستراليا، مضيفة أنه على جيلارد أن تعترف بهذا الأمر في المباحثات التي تجريها في بكين، لكن عليها أيضاً أن تذكّر مضيفيها بأن الإنصاف يقتضي التعامل بالمثل: ذلك أنه إذا كانت الصين ترغب في أن يتم إدماجها بشكل كامل في الاقتصاد العالمي، فعليها الاعتراف بأن التلاعب بقيمة عملتها الوطنية والحفاظ عليها منخفضة بشكل مصطنع، لجعل صادراتها رخيصة على نحو تنافسي، أمر يضر بمصالح شركائها التجاريين. إعداد: محمد وقيف