أصبح القطاع الصحيّ الخاص في الدولة ينمو بصورة مطّردة في الأعوام القليلة الماضية، وبات يستحوذ على جانب مهمّ من إجمالي الخدمات الصحية التي يتم تقديمها لأفراد المجتمع، لذا فإن العمل على تفعيل الدور الذي يقوم به في هذا الشأن يتماشى مع توجّهات الدولة نحو توفير الرعاية الصحية والارتقاء بها إلى المعايير العالمية. لقد أكّد الدكتور حنيف حسن، وزير الصحة، مؤخراً، أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به القطاع الخاص المعنيّ بالشؤون الصحية والعلاجية في دعم خطط وزارة الصحة وبرامجها الاستراتيجية، للارتقاء بمنظومة العمل في القطاع الصحيّ في الدولة، وهذا أمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية، لأنه يحقّق التكامل والاستفادة المتبادلة بين القطاعين العام والخاص، وبالشكل الذي ينعكس إيجاباً على مستوى الخدمات الصحية المقدّمة لأفراد المجتمع من ناحية، ومواجهة التحدّيات المختلفة في القطاع الصحيّ في الدولة من ناحية ثانية. إن تفعيل دور القطاع الصحيّ الخاص في الدولة لكي يقوم بدوره الأمثل باعتباره شريكاً استراتيجياً للقطاع الصحيّ العام يتطلّب التحرك في مسارات عدة متوازية: أولها، التغلّب على التحدّيات التي تواجه هذا القطاع الحيويّ، سواء تلك الخاصة بغياب معايير التوظيف الموحّد في هذا القطاع نتيجة لغياب الاختبارات الموحّدة، وما يرتبط بذلك من ممارسة الطب من قِبل أطباء تنقصهم الخبرة والمهارات الكافية، أو تلك المتعلّقة بضعف آليات الرقابة وسوء التعامل مع خدمات الضمان الصحيّ، وهو الأمر الذي جعل العديد من مؤسسات القطاع الخاص عرضة للكثير من الاتهامات بإهدار خدمات الضمان الصحيّ في الدولة. ولا شك في أن التغلّب على هذه التحدّيات فوق أنه يعيد الانضباط إلى هذا القطاع، فإنه لا شك يرتقي بالخدمة الطبية التي يقدمها. ثانيها، تفعيل التعاون بين مؤسسات القطاع الطبي الخاص والعام، سواء في تبادل الخبرات أو في عقد الدورات التدريبية المشتركة، التي تنعكس إيجاباً على العاملين في هذا القطاع، بحيث يكونون قادرين على الارتقاء بالخدمات الصحية التي يقدمها لأفراد المجتمع. ثالثها، تشجيع الاستثمار في هذا القطاع، وتقديم التسهيلات كافة الممكنة والكفيلة باستقطاب المستثمرين في القطاعات الطبية المختلفة وتشجيعهم على الاستفادة من الفرص الاستثمارية والمشروعات الاقتصادية التي تنفّذها الدولة. ولا شك في أن تشجيع الاستثمار في هذا القطاع فوق أنه سيساهم في الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية في الدولة، فإنه سيجتذب عدداً من المؤسسات الصحية العالمية لفتح فروع لها في الدولة، وهو الأمر الذي يؤهّل الإمارات لكي تصبح مركزاً إقليمياً في مجال الرعاية الصحيّة المتقدّمة على مستوى المنطقة. إن اعتراف الوزارة بأهمية الدور الذي يقوم به القطاع الصحيّ الخاص، وسعيها إلى تفعيل هذا الدور يعكسان بوضوح الاهتمام الذي توليه الدولة بهذا القطاع بوجه عام، من أجل توفير رعاية صحية متقدّمة، لجميع أفراد المجتمع، مواطنين ومقيمين، على حدّ سواء، على أساس أن هذا القطاع يشكّل أهمية خاصة في البرامج التنمويّة الوطنية باعتباره يتعلّق بالعنصر البشري الذي يعدّ أغلى الموارد الوطنية التي توجّه إليها تلك الخطط وتوظف لرفاهيتها وسلامتها البرامج كافة، كما أن وجود قطاع صحيّ فاعل، وما يرتبط به من رعاية صحية متقدّمة، هو أحد أوجه التنمية التي تشهدها الدولة في مختلف المجالات، وتعمل على تطويرها بشكل مستمر. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.