طفرة في موقف الألمان تجاه إسرائيل... وأدوات نتنياهو للتشبث بالسلطة! تسريبات ويكيليكس لأحاديث الساسة الإسرائيليين، ومحاولات نتنياهو الالتفاف على الدولة الفلسطينية، والعلاقة بين إسرائيل وألمانيا، ثم ضرورة إشراك "حماس" في الساحة السياسية الفلسطينية... قضايا نعرض لها ضمن جولة أسبوعية في الصحافة الإسرائيلية. ثرثرة الساسة الإسرائيليين تطرقت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي إلى ما كشفته تسريبات ويكيليكس من نزعة لدى بعض السياسيين الإسرائيليين إلى الدخول في مناقشات غير مأمونة مع نظرائهم الأميركيين دون الإحاطة بتداعيات ذلك على إسرائيل، وتركز الصحيفة بوجه خاص على ما نقلته برقيات بعثت بها السفارة الأميركية في تل أبيب إلى وزارة الخارجية من تصريحات محرجة لعضو الكنيست الإسرائيلي من حزب العمل، "إسحاق هرزوج"، الذي تحدث إلى دبلوماسيين أميركيين عن علاقات اليهود الأشكيناز بالمنحدرين من أصول شرقية الأمر الذي أوقعه في حرج بالغ عندما كشفت ويكيليكس حديثه. والمشكلة بالنسبة للصحيفة أن "إسحاق هرزوج" ليس مجرد عضو عادي في الكنيست الإسرائيلي قد يغفل عن حقيقة استخباراتية مهمة أن السر إذا خرج عن نطاق الشخص الواحد ذاع وانتشر، بل هو أحد رجال الاستخبارات عمل في السابق على جمع المعلومات الاستخباراتية في الجهاز التابع للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، كما أنه سليل عائلة اشتغلت طويلاً في أجهزة الاستخبارات حيث كان والده "شائيم هرزوج" ضابطاً في المخابرات البريطانية قبل أن ينضم إلى الجيش الإسرائيلي. وفي هذا السياق تنتقد الصحيفة ما تعتبره ثرثرة غير مسؤولة للسياسيين الإسرائيليين أمام نظرائهم الأميركيين، فرغم قنوات الاتصال بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية على أعلى مستوى وعدم حاجتها إلى دبلوماسيين، إلا أن ذلك لا يمنع من توخي الحيطة من قبل مسؤولين إسرائيليين يحرجون أنفسهم ويعرضون أسرار الدولة للكشف، لا سيما أن الوثائق حتى وإن بقيت طي الكتمان في اللحظة الراهنة فإنها تُكشف بحسب القانون الأميركي بعد بضع سنوات لتصبح ملكاً عاماً. مناورات نتنياهو انتقد المعلق الإسرائيلي "زفي بارئيل" في مقال نشرته "هآرتس" يوم الأحد الماضي موقف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي تعهد خلال مؤتمر حزب "الليكود" في الأسبوع الماضي بعدم تقديم تنازلات للفلسطينيين وبعدم الخضوع للضغوط الخارجية، وفي هذا الموقف المتشدد يشبه الكاتب نتنياهو بقادة الشرق الأوسط المتساقطين كأوراق الخريف، فنفس الكلام كان يقوله أحد الساسة الذي لم يتوقع أبداً رياح التغيير، وظل إلى آخر رمق يمني النفس بالاستمرار في السلطة، لكن في الوقت الذي فهم فيه هؤلاء القادة ضرورة الرحيل بضغط من الشارع والجيش والتنحي أخيراً عن السلطة، يبدو أن نتنياهو حسب الكاتب أشبه بالقذافي الذي مايزال يتشبث بالسلطة. وعلى غرار القيادة في سوريا التي أنحت باللائمة على الخارج ولاذت بالمؤامرة لتفسير العجز الداخلي يقوم نتنياهو بتجنيد الدعم الداخلي وحشد التأييد لحزبه وضمان بقائه في السلطة من خلال إيهام الرأي العام بأنه متشبث بمواقفه ومصمم على كبح الدولة الفلسطينية. وفي إطار مناوراته المتواصلة، يشير الكاتب إلى عزم نتنياهو تقديم خطة تقوم على انسحاب جزئي وبسيط من الضفة الغربية تستثني المستوطنات وباقي الكتل غير الشرعية، فهو من جهة يحاول الترويج لخطته التي لن يقبلها الفلسطينيون بأنها تنازل كبير تقدمه إسرائيل في حين أنه مجرد بند آخر من البنود التي وردت في اتفاقية "واي ريفر" التي وقع عليها عام 1998 وظلت مجرد حبر على ورق. ومن جهة أخرى يحاول إقناع الرأي العام الإسرائيلي بأن التنازل ليس أكثر من اتفاقية قديمة وافق عليها الشعب في الماضي، ولا داعي للتخوف، معولًا في ذلك كله على رفض الفلسطينيين لكف الحرج عنه. ألمانيا وإسرائيل تناولت صحيفة "جيروزاليم بوست" في افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء العلاقات الإسرائيلية- الألمانية على ضوء اللقاء الصحفي المشترك الذي جمع بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والتي أكد فيها نتنياهو عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، لكن الصحيفة تحذر من تنامي الانتقادات الألمانية على لسان المستشارة الألمانية لسياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين، مشيرة في هذا السياق إلى المكالمة الهاتفية الحادة التي أجراها نتنياهو مع ميركل عقب تصويت ألمانيا لصالح مشروع القرار العربي في مجلس الأمن الداعي إلى إدانة المستوطنات الإسرائيلية، فعندما اتصل نتنياهو مستفسراً عن الموقف الألماني احتدت عليه ميركل محملة إسرائيل المسؤولية وطالبته بخطة سلام واضحة مع الفلسطينيين، وإذا كان الموقف الرسمي الألماني يؤيد قيام دولة فلسطينية مستقلة تبقى مشاعر الرأي العام أكثر انحيازاً للفلسطينيين، لا سيما بعد استطلاع للرأي أُجري مؤخراً وأثبت أن أكثر من 47 في المئة من الألمان يرون بأن إسرائيل "تنفذ حرب إبادة ضد الفلسطينيين"، وهو موقف قوي ومخيف حسب الصحيفة يستدعي من السياسيين التدخل لتغييره، ولم تقتصر الانتقادات الألمانية على بناء المستوطنات كما اتضح في موقفها المساند للقرار العربي في مجلس الأمن، بل سبقه عندما حمل البرلمان الألماني مسؤولية ما وقع لسفينة "مافي مرمرة" التركية إلى إسرائيل، دون أن ننسى، تقول الصحيفة، المتغيرات التي تجري في المنطقة، إذ في الوقت الذي آثرت فيه إسرائيل التزام الصمت وعدم إبداء التعاطف مع الثورات العربية لتخوفها من نتائجها كانت ألمانيا سباقة في الوقوف إلى جانب الشعوب وإعلان مساندتها لمطالبهم في التحرر والديمقراطية، وهو ما يفرض على المسؤولين الإسرائيليين وفقاً للصحيفة الصحيفة تقييم مواقفها الدبلوماسية لتكون أكثر انسجاماً مع حلفائها مثل ألمانيا. إشراك "حماس" بهذا العنوان استهل المعلق والصحفي الإسرائيلي "أفي يساويتش" مقاله المنشور على صفحات "يديعوت أحرنوت" الأسبوع الماضي متطرقاً إلى وضع حركة "حماس" في أي اتفاق مقبل مع الفلسطينيين، فمعروف حسب الكاتب أن الاتجاه الدولي يسير حالياً نحو الاعتراف بدولة فلسطينية سواء تعلق الأمر بإعلان أحادي تبادر إليه السلطة الفلسطينية، أو عن طريق الأمم المتحدة، وفي جميع الأحوال ينصح الكاتب الساسة في إسرائيل بتغيير مواقفهم تجاه "حماس"، التي تطالب بهدنة طويلة مع الدولة العبرية وسبق لها أن وافقت ولو ضمناً على وجود دولة إسرائيل، فبعد الجهد الكبير الذي بذله الفلسطينيون في الضفة الغربية بقيادة رئيس الحكومة، سلام فياض، من خلال بناء مؤسسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية. وبعد النجاح الملحوظ في هذا الإطار الذي زاد من شرعية قيام الدولة الفلسطينية والقطع مع المرحلة الانتقالية الحالية التي طال أمدها لا مناص من الاعتراف في الأخير بالدولة الفلسطينية التي سيكون لحماس فيها دور بارز، لذا لا بد، يقول الكاتب، من الاعتراف بها كمكون أساسي داخل الحياة السياسية الفلسطينية، لا سيما وأن أي اتفاق سلام نهائي يُوقع مع الفلسطينيين لإنهاء الصراع لن يُكتب له النجاح إلا إذا ساندته "حماس" وحمته من التخريب والتعطيل. إعداد: زهير الكساب