يعتقد الموقعون على العرائض من المطالبين بتعديلات في نظام الانتخابات بدولة الإمارات، أن ما تشهده المنطقة من ثورات شعبية أو إصلاحات تقوم بها أنظمة الحكم، هي بمثابة فرصة سانحة لرفع سقف مطالبهم السياسية، منبهرين بأطروحات حقوق الإنسان، ونظريات المشاركة الشعبية، سواء أكانت تناسب واقعنا أو لا تناسبه. كما يرى هؤلاء أنه يجب عليهم اللحاق بموضة الاحتجاجات والمطالبات والعرائض، دون مراعاة للمصالح العامة للدولة، ومتطلبات الاستقرار والأمن الداخلي. وفي ظل وضعٍ إقليميٍ متأزم ومطامع محيطة، بنا وأجندات خارجية متربصة... لا يعي هؤلاء أن ما يقومون هو افتعال أزمة وقلق داخليين نحن في غنى عنهما. نعم، نحن لسنا بمعزل عن التطورات التي تشهدها المنطقة العربية خلال الأشهر الماضية، وتداعيات الثورات الشعبية التي أدت إلى تغير بعض الأنظمة السياسية، والأخرى التي لا تزال تقاتل من أجل بقائها... لكن مالا يدركه محبو التقليد من أصحاب العرائض والمطالبات السياسية، أن الثورات في تلك الدول اندلعت بعد أن شعر مواطنوها بظلم شديد؛ لضياع حقوقهم الأساسية، وغياب برامج التنمية والتطوير. أما نحن في دولة الإمارات، فقد وضعت قيادتنا الرشيدة، ومنذ وقت مبكر، نظاماً واضح الملامح وقوي الأركان لمسيرة الدولة، واتبعت نهج التنمية والتطوير الشامل في كافة مجالات الحياة، ومن ثم فقد حققنا نهضةً للوطن والمواطن لم تتحقق في دول من حولنا لها مجالس منتخبة وأحزاب سياسية منذ عقود من الزمن. ويزعم أصحاب العرائض أنهم يريدون مصلحة الوطن، وأن وطنيتهم تملي عليهم رفع صوتهم بأن يكون المجلس الوطني منتخباً بشكل كامل، وأن تُوسع صلاحياته كسلطة تشريعية مستقلة... لكنهم -وعلى افتراض حسن النية لديهم- لم يوفقوا في التوقيت؛ إذ وجدوا الفرصة في استغلال الظروف الإقليمية الساخنة لطرح مطالبات بغرض تحريك ضغوط من قبل المنظمات والمؤسسات الدولية التي تدعي حقوق الإنسان وهي ذات أجندات ومصالح ومرتبطة بدوائر صنع القرار في الدول الكبرى المؤثرة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن موقعي العريضة لم يسألوا أنفسهم أي نموذج سياسي ينشدون تطبيقه في الدولة؟ وأي تجربة مثالية يرغبون في استجلابها؟ فعندما نستعرض الدول المحيطة بنا، والتي لديها ظروف تشابه ظروفنا الإقليمية والجغرافية، فإننا استطعنا وبعناية الله ثم بفضل رؤية قيادتنا الرشيدة، تجاوز تلك الدول حضارياً وتنموياً خلال الفترة الماضية... ولم تكن الحقوق السياسية التي يحسدهم عليها موقعو العرائض ويضربون بها الأمثلة ويطالبون بمثلها في يوم من الأيام عامل استقرار وبناء وطني في تلك الدول. بل على العكس، ففي بعض الحالات كانت عاملاً لزيادة الفتن الاجتماعية وتعطيل التنمية. من حق حكومتنا الرشيدة أن تتبع التدرج والمرحلية وتتدارس باهتمام كل خطوة في طريق المشاركة السياسية الكاملة للمواطنين في الدولة.. لأنه في النهاية استطاعت دولتنا تحقيق منجز حضاري ليس من العقل التفريط فيه، أو القيام بقفزات لا تأخذ في الحسبان مطامع المحيطين ونوايا أصحاب الأجندات والمصالح الشخصية. فيا أصحاب العرائض، كان الأجدر بكم أن تزيدوا ثقتكم في قيادتكم والخطوات المتدرجة التي تتبعها والنابعة من حرصها على أمن واستقرار الوطن، وألا تستعينوا بإعلام خارجي يتشوق للإثارة والتصيد والقيام بإسقاطات مبنية على الهوى والربط غير المبرر.