الأسرة القوية تعدّ اللبنة الرئيسية لأي مجتمع صحي، ليس لأنها تؤشر إلى التماسك الذي يعيشه هذا المجتمع وحسب، بل لكونها ترتبط بخطط التنمية الأخرى وجهودها أيضاً، لدورها المهم في إعداد النشء والشباب، ولذا فإن العمل على تحقيق الاستقرار الأسري يمثّل أولوية ملحّة لدى الدولة، والجهات المعنية بالحفاظ على الأسرة. من هذا المنطلق، تشكّل "إدارة الإرشاد والاستشارات الأسرية" التابعة لـ "مؤسسة التنمية الأسرية"، التي افتتحتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة "الاتحاد النسائي العام"، الرئيس الأعلى لـ "مؤسسة التنمية الأسرية"، مؤخراً، أهميّة بالغة، لأنها تستهدف العمل على تحقيق الاستقرار الأسري، من خلال توفير الإرشاد والعلاج والتدخّل في الأزمات الأسرية سواء على المستوى الفرديّ أو الأسري، كما تقدّم الاستشارات النفسية والأسرية والزوجية والتربوية في جميع مراكز المؤسسة لمختلف شرائح المجتمع، من أجل المحافظة على تماسك الأسرة وسلامتها. إن التوجّه نحو إعلاء قيمة الاستقرار الأسري، من خلال الاهتمام بتوعية أفراد المجتمع وبصفة خاصة الشباب أمر ينطوي على قدر كبير من الأهميّة، خاصة إذا ما تمّ الأخذ في الاعتبار تزايد قائمة المشكلات التي أصبحت تواجه الكثير من الأسر المواطنة في الفترة الأخيرة، التي ترجع بالأساس إلى المتغيّرات والظروف المتجدّدة التي أصبحت تحيط بالأسرة والتي تحمل في طيّاتها الكثير من السلبيات والمشكلات كـارتفاع معدلات الطلاق، وانتشار البطالة، والزواج من أجنبيات، والإسراف في الاعتماد على العمالة المنزلية، وانتشار بعض أنماط العنف الأسري، وهي مشكلات تتطلّب من الجهات المعنيّة بالأسرة العمل على توعية أفراد المجتمع بخطورتها ليس على الاستقرار الأسري فقط، بل والمجتمعي بوجه عام أيضاً. لقد وضعت الوثيقة الوطنيّة لدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2021 هدف بناء أسرة متماسكة في مقدّمة أهدافها، وارتأت أن تحقيق ذلك الهدف لن يتم إلا من خلال تشجيع الزواج بين الإماراتيين وتقليص نسب الطلاق المرتفعة، وهذا الهدف من الممكن تحقيقه في ظل الدعم المتواصل الذي توليه قيادتنا الرشيدة لشبابنا لبناء الأسرة، وفي ظل التزام مؤسسات الدولة المختلفة تقديم أوجه المساعدة كافة للشباب والتيسير عليهم، ويبرز في هذا الشأن الدور الرائد الذي تقوم به "مؤسسة التنمية الأسرية" في توعية الشباب بقيمة بناء أسرة قوية متماسكة، ويبرز في هذا الشأن أيضاً "برنامج التعلم الأسري" الذي تقدّمه المؤسسة، وهو عبارة عن ورش تدريبية تستهدف بالأساس العمل على تعزيز العلاقة الأسرية وتخفيض العنف الأسري، وذلك للارتقاء بالأسر نحو بيئة أسرية متوازنة، كما يقوم "صندوق الزواج" هو الآخر بدور مهم، من خلال سلسلة المحاضرات التي يقدّمها للشباب المقبلين على الزواج، التي يقدّم من خلالها بعض الإرشادات والتوجيهات التي تؤسّس لحياة أسرية آمنة مستقرة، سواء على مستوى الإنفاق أو في تبنّي ممارسات إيجابية نحو الأبناء، وبما يحدّ من المخالفات الزوجية ومعدّلات الطلاق، وكيفيّة التعامل مع المشكلات البسيطة قبل أن تتفاقم وتهدّد كيان الأسرة واستقرارها. يظل بناء أسرة متماسكة هو الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه الجهات المعنيّة في الدولة، لأنها أهم مقوّمات المجتمع، وتعكس ما يتمتع به من تماسك في العلاقات بين فئاته المختلفة، وبقدر الاستقرار الذي تنعم به الأسرة، بقدر ما تكون مؤهّلة للقيام بدورها البنّاء في خدمة المجتمع، والمساهمة في حركة نموه وتطوّره. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية