لاشك أنه سؤال وجيه تماماً، ذلك الذي عنون به الدكتور وحيد عبدالمجيد مقاله الأخير، "ماذا تريد إسرائيل من مصر الجديدة؟"، لاسيما على ضوء الشكوى التي لم تكف تل أبيب عن الجأر بها في الآونة الأخيرة وعقب الأحداث التي انتهت في مصر إلى خلع رئيسها السابق. وإذ تعلم إسرائيل علم اليقين أنه لا أحد في مصر، وإلى وقتنا الراهن على الأقل، يطالب بإلغاء معاهدة السلام معها، رغم امتعاض الشارع المصري من حقيقة أن الاتفاقية ظل يجري تطبيقها من جانب واحد فقط، بينما دأبت إسرائيل على إعفاء نفسها من كل متطلبات السلام الواردة في المعاهدة، فلم تتوقف عن غزو جيرانها وإيذائهم والاعتداء عليهم بكل الصنوف المباشرة وغير المباشرة. والحقيقة -وقد أشار إليها المقال- هي أن مصير معاهدة السلام ليس هو أكثر ما يقلق إسرائيل، بل "الكنز الاستراتيجي" الذي فقدته بتنحي مبارك وإسدال الستار على عهده نهائياً. وهنا أريد أن أضيف حول السؤال "ماذا تريد إسرائيل من مصر الجديدة؟"، إن ما تريده إسرائيل من متطلبات لا يتوقف عند حدود، حتى بإعطائها كل شيء، فكلما أُعطيت مما لا تستحقه طالبت بالمزيد واعتبرته حقاً طبيعياً لها. إنها حقاً دولة غير طبيعية، وكأي شخص غير سوي؛ فهي مصابة بمرض مركب يشمل السادية وجنون العظمة والوسواس القهري... وهذه حالة ليس دواء، وكما تأذى منها الكل، فقد تأذت "مصر القديمة" وتتأذى "مصر الجديدة" أيضاً! تامر عبده -القاهرة