يؤسس الدستور اليمني الذي وضع بعد الوحدة بين الشمال والجنوب لنظام حكم رئاسي ومؤسسات دستورية عدة، لكن التجربة التي يمر بها اليمن تشير الى أن ذلك غير معمول به. فالنظام القائم عسكري يترأسه رئيس ينتمي الى المؤسسة العسكرية، ونتج عن ذلك أن أصبحت الأوضاع القائمة غير مستقرة ويمكن التأثير عليها من قبل التحالفات القبلية الكبرى، والمؤسسة العسكرية والقيادات السياسية المتنفذة، بالإضافة الى عدد من القوى الخارجية. وإلى الآن يبدو أن النظام الحاكم استطاع الاستفادة من تناقضات المجتمع المترسخة لكي يبني عليها وسائل سياسية تقوم على تحريك القبائل والقيادات السياسية ضد بعضها بعضاً بهدف إضعاف الجميع في مواجهة النظام الذي يعتمد على ولاء الجيش له. ذلك الوضع بالإضافة الى التحرك الحالي للشارع اليمني يجعل من مستقبل اليمن كدولة والنظام الحاكم في مهب الريح. دستورياً يوجد في اليمن من ناحية نظرية برلمان يتم انتخاب أعضائه لأربع سنوات من قبل المواطنين الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً فما فوق، ومجلس رئاسي يتكون من خمسة أعضاء ينتخبهم البرلمان عن طريق الاقتراع السري لخمس سنوات، ويقوم المجلس الرئاسي بدوره بانتخاب رئيس الجمهورية من بين أعضائه، ومجلس الوزراء يعتبر أعلى سلطة تنفيذية وإدارية في البلاد. وتوجد في اليمن حالياً أحزاب سياسية تعمل للوصول الى السلطة من ناحية نظرية على الأقل، أسس لها دستور الوحدة لعام 1991. وأهم تلك الأحزاب هو مؤتمر الشعب العام الذي يسيطر على مقاليد الأمور بشكل محكم منذ قيام الوحدة وبإسناد قوي من الجيش، ويسيطر على الأغلبية في البرلمان. ومن ناحية عملية يتم تقاسم السلطة على أسس قبلية ومناطقية وحزبية. وتقوم آلية العمل السياسي على تقاسم مفاتيح السلطة من ثلاثة أحزاب رئيسية هي "مؤتمر الشعب العام" و"حزب الإصلاح" و"الحزب الاشتراكي"، لكن الخريطة السياسية أخذت في التغير بالتدريج منذ قيام الوحدة بحيث أصبح الشماليون مسيطرين على السلطة والثروة بطريقة تثير الجنوبيين وتحرك في أوساطهم مطالب كثيرة. إن تحرك الشارع اليمني الحالي يعكس- من ناحية واقعية- وجود تناقضات خطيرة في داخل النظام والمجتمع، فالنظام قائم على قبلية متشددة في الشمال، في حين أن معظم سكان الجنوب أكثر تعليماً وانفتاحاً على العالم الخارجي، كما وتوجد أبعاد سياسية واجتماعية وقبلية وعسكرية معقدة تزيد من صعوبة الأوضاع الحالية وتعقد المسألة أمام النظام والمعارضة على حد سواء لإيجاد مخارج مقنعة لإعادة الهدوء والوئام الى البلاد. ومن تصريحات العديد من مسؤولي النظام، يبدو أنه يرفض كافة المبادرات الخارجية لحل الأزمة ويعتبرها تدخلاً في شؤون اليمن الداخلية، بما في ذلك مبادرة مجلس التعاون الخليجي، التي رد عليها بدبلوماسية لبقة تفصح عن رفضها من ناحية واقعية وإن كانت "قيد الدراسة". وأخيراً فإن الإمارات لها مصلحة في استقرار اليمن واستتباب الأمن فيه وسلامة ورفاهية شعبه، فهي كدولة محبة للسلام، تدعم عودة الهدوء الى اليمن. وفي هذا الإطار تقوم بتقديم المساعدات الممكنة لليمن وشعبه، وقد وصل ما رصدته من مساعدات الى ما قيمته 650 مليون دولار أميركي تقدم لمشاريع التنمية والإعمار المختلفة، وذلك حرصاً منها على اليمن والشعب اليمني الشقيق.