اقترح أوباما الأربعاء الماضي كبحاً أكبر للإنفاق على الرعاية الصحية وطريقة جديدة لتقاسم تكاليف برنامج "ميديكير" والرعاية الصحية الخاصة بالأطفال مع الولايات أثناء كشفه عن الخطوط العريضة لمقترح يهدف إلى تقليص برامج الاستحقاق التي كانت تطرح أكبر تهديد للمستقبل المالي للبلاد. وقال البيت الأبيض إن هذه التوصيات، إضافة إلى تدابير أخرى تروم إبطاء الإنفاق الصحي المنفلت، من شأنها أن توفر نحو 290 مليار دولار خلال العقد المقبل، إلى جانب الخطوات المتضمنة في ميزانية الرئيس والقانون الذي تم سنه قبل عام من أجل إصلاح نظام الرعاية الصحية. غير أن أوباما أبقى إلى حد كبير على برامج الاستحقاق - التي تعد جزءاً مركزياً من شبكة السلامة الاجتماعية للأميركيين - في شكلها الحالي، فيما يمثل رفضاً صريحاً لجمهوريي مجلس النواب، الذين يفضلون تحويل "ميديكير" إلى "برنامج قسائم"، و"ميديكإيد" إلى منح فيدرالية تتيح للولايات حرية أكبر لتقليص المزايا والمستفيدين من البرنامج. وفي هذا السياق، قال الرئيس في خطاب ألقاه بجامعة جورج واشنطن: "دعوني أكون واضحاً... سوف أحافظ على برامج الرعاية الصحية هذه كوعد نقدمه لبعضنا بعضاً في هذا المجتمع". ويقوم جزء مركزي من مقترح أوباما بخصوص "ميديكير" على مجلس مثير للجدل، من المرتقب إنشاؤه بحلول 2013 في إطار قانون الرعاية الصحية الذي سن في 2010، وسيتم منحه صلاحيات لاجتراح طرق لإبطاء الإنفاق في البرنامج في حال ارتفعت التكاليف بشكل أسرع من حدود معينة. ووفق القانون الذي تم سنه قبل عام، فإن المجلس سيقوم بمثل هذا العمل في حال كان إنفاق "ميديكير" أسرع بـ1 في المئة من الناتج الداخلي الخام؛ حيث سيقوم أوباما بخفض هذا السقف وجعله أسرع بـ0.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام. كما ينص القانون على أن يقوم المجلس، الذي سيُعرف باسم "المجلس الاستشاري المستقل للدفوعات"، بتقديم توصيات إلى الكونجرس من أجل خفض إنفاق "ميديكير"؛ على أنه في حال لم يحرك الكونجرس ساكناً، تستطيع وزارة الصحة والخدمات الإنسانية القيام بخفض الإنفاق - آلية يجادل العديد من "الجمهوريين" بأن من شأنها تهميش سلطة الكونجرس. وفي هذه الأثناء، يتساءل متخصصون في السياسات الصحية، "ليبراليون ومحافظون"، حول ما إن كان من الممكن كبح إنفاق البرنامج بشكل مهم من دون إدخال تغييرات أوسع على الطريقة التي يتم بها تمويل الرعاية الصحية وتوفيرها. وفي هذا الإطار، تقول مارلين مون، التي تدير البرامج الصحية بالمعاهد الأميركية للبحوث، وكانت مسؤولة من قبل عن برنامجي "ميديكير" والضمان الاجتماعي: "إن المراقبة المشددة حقاً تعني الكثير من التغييرات بطريقة أو بأخرى". ومن جانبه، يقول جايل ويلنسكي، زميل "بروجيكت هوبـ" (مشروع الأمل) الذي أدار "ميديكير" و"ميديكإيد" في عهد الرئيس جورج بوش الأب: "إذا لم نُعِد تصميم ما نقوم به، فعلينا ألا نتوقع أن نحصل على نحو ما على نظام أفضل". وضمن قائمة مقترحاته الخاصة بالرعاية الصحية، تبنى أوباما بعض الأفكار من توصيات صدرت في ديسمبر الماضي عن لجنة وطنية أناط بها مهمة تقديم استراتيجيات تروم تقليص العجز الفيدرالي. ومن بينها توصية تنص على أن تقدم الشركات الصيدلية خصومات بالنسبة للأدوية لنحو 9 ملايين أميركي لديهم تغطية حكومية على الدواء ومؤهلين لكل من "ميديكير" و"ميديكإيد" . وقد كانت هذه الفكرة جزءاً من نسخة مجلس النواب للتشريع الذي يُصلح نظام الرعاية الصحية العام الماضي، ولكنها غير موجودة في القانون النهائي. غير أن الرئيس يغفل بالمقابل عناصر مهمة في تفكير اللجنة المالية، من قبيل تغييرات في أجور الأطباء الذين يعالجون مرضى "ميديكير"، وإمكانية إلغاء برنامج حكومي جديد لضمان رعاية طويلة المدى، وتخفيضات في المعونات المخصصة للتربية الطبية وقيود جديدة على التغطية الخاصة لتكميل "ميديكير". ولكن مقترح أوباما لن يذهب إلى الحدود التي يقترحها رئيس لجنة الميزانية في مجلس النواب بول ريان (الجمهوري عن ولاية ويسكونسن)، المؤلف الرئيسي لمخطط لخفض العجز يقوم مجلس النواب الذي يسيطر عليه "الجمهوريون" بدراسته حالياً، بخصوص "ميديكير"؛ حيث يضع مخطط ريان حداً صارماً على إنفاق "ميديكير". أما التغيير الرئيسي الآخر الذي اقترحه أوباما، فمن شأنه أن يغير الطريقة التي تسدد بها الحكومة نصيبها من تكلفة "ميديكإيد" وبرنامج الضمان الصحي الخاص بالأطفال – وكلا البرنامجين يمثلان مسؤولية مشتركة للحكومة الفيدرالية والولايات. فعلى غرار ما هو معمول به حالياً، فإن نصيب الحكومة الفيدرالية يعتمد على ثروة كل ولاية، حيث تتكفل الحكومة الفيدرالية بنصيب أكبر من التكلفة في الولايات التي تعد فقيرة نسبياً. وجواباً على سؤال حول ما إن كان مثل هذا التغيير سيجعل الولايات تدفع أكثر أو أقل، قال مسؤول رفيع في إدارة أوباما، متحدثاً إلى الصحفيين شريطة عدم الإفصاح عن اسمه، إن "القصد هو تبسيط البرنامج"، مضيفاً أن الولايات قد تقوم بتوفير المال على المدى الطويل ، ولكن التفاصيل لم يتم الانتهاء منها بعد. إيمي جولشتاين محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"