وجه التشدد العلماني... ومد اليسار اللاتيني دخول قانون حظر ارتداء النقاب حيز التنفيذ في فرنسا، والقبض على لوران جباجبو في ساحل العاج، وانتفاضة شعبية ضد الفساد في الهند، والانتخابات الرئاسية في البيرو... موضوعات نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة في الصحافة الدولية. فرنسا غير المتسامحة صحيفة "تورونتو ستار" الكندية علقت ضمن افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء على دخول القانون الذي يحظر على النساء ارتداء النقاب في الأماكن العامة بفرنسا حيز التنفيذ، قائلة إن حكومةُ الرئيس ساركوزي المحافظة تكشف بقرارها ذلك عن "الوجه القبيح لعدم التسامح". فبصرف النظر عن رأي المرء حول النقاب أو البرقع، تقول الصحيفة، فإن هذا القانون يؤسس لسابقة مجحفة وغير متسامحة تجاه مسلمي أوروبا الذين تشير التقديرات إلى أن عددهم يبلغ 44 مليون نسمة. والمثير للسخرية، هو أن النساء يستطعن أخذ حمام شمسي في مدينة "كان" المتوسطية وهن عاريات الصدر، في حين لم يعد باستطاعة فرنسيات أخريات تغطية وجوههن. وتواصل الصحيفة قائلة إن الزعم بأن هذه الأقلية القليلة من النساء الفرنسيات اللاتي اخترن ارتداء النقاب (حوالي 2000 امرأة) تهدد على نحو ما سكان فرنسا البالغ عددهم 62 مليون نسمة، هو أمر يبعث على الضحك، مشيرة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف ممارسات إسلامية في فرنسا، إذ سبق لها أن عمدت إلى حظر الحجاب في المدارس. كما تؤكد على أن النساء اللاتي يجدن أنفسهن اليوم على الجانب الخطأ من القانون لا يطرحن تهديداً أمنياً من أي نوع، لأنهن لا يحاولن الهجرة أو السفر أو التصويت أو التقدم بطلب للحصول على خدمات حكومية، حيث تكون عملية التحقق من الهوية معقولة ومنطقية. كما أنهن لسن قاضيات أو معلمات أو شرطيات أو مسؤولات حكوميات أخريات يتعاملن مع الجمهور؛ بل هن مجرد مواطنات يُعنين بأشغالهن الخاصة. فلماذا تحرمن من ركوب الحافلة، أو مشاهدة فيلم في السينما، أو تناول وجبة في المطعم، أو حتى أخذ أطفالهن إلى الحديقة بدون أن يخفن من الاعتقال؟ ساحل العاج صحيفة "ذا أستراليان" الأسترالية علقت ضمن افتتاحية عددها ليوم الأربعاء على اعتقال رئيس ساحل العاج المنتهية ولايته لوران جباجبو في قصره الرئاسي بأبيدجان، قائلة إن ذلك يفسح المجال أخيراً للفائز في انتخابات نوفمبر الماضي، الحسن وتارا، بأداء القسم الرئاسي ومباشرة مهامه رسمياً. وفي هذا الإطار، قالت الصحيفة إن "ما كان ينبغي أن يحدث قبل خمسة أشهر حدث أخيراً"، بعد أن ألحق تشبث جباجبو بالسلطة وتصلبه واصراره على رفض قبول نتيجة الانتخابات التي أجريت تحت مراقبة الأمم المتحدة، والتي خسر فيها أمام وتارا بـ54 في المئة مقابل 46 في المئة... ضرراً بالغاً بما كان يمثل طيلة سنوات عديدة، في عهد الرئيس الراحل هوافييت بوانيي، إحدى قصص النجاح الإفريقية النادرة. وتقول الصحيفة إن ساحل العاج، التي تعد المنتج العالمي الأول للكاكاو، باتت تشبه هذه الأيام بزيمبابوي روبرت موجابي. ذلك أن النزاع الإثني بين القوات الموالية لجباجبو، ومعظمها من الجنوب المسيحي والوثني؛ والقوات الموالية لوتارا، ومعظمها من الشمال المسلم، حوَّل البلاد إلى كارثة حقيقية حيث يتحدث الناجون عن روايات فظيعة حول القتل بدون رحمة، والإعدام الجماعي للخصوم السياسيين، وجرائم الاغتصاب. والأهم من ذلك أن منظمات دولية مثل "هيومان رايتس ووتش" تحمِّل مسؤولية تلك الانتهاكات الفظيعة لأنصار وتارا وجباجبو على حد سواء. وتقول الصحيفة إن التحدي الذي يواجه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي -وبخاصة فرنسا- هو ضمان نهاية لأعمال القتل وبداية لتحقيق المصالحة. لكنها مهمة لن تكون سهلة، على اعتبار أن فرنسا نفسها تمثل مشكلة بسبب دورها في القبض على جباجبو ودعمها لوتارا. هذا علاوة على حقيقة أن إفريقيا ما بعد المرحلة الكولونيالية مازالت لديها حساسية تجاه أي تدخل من قبل قوى استعمارية سابقة. غير أن الصحيفة شددت أيضاً على ضرورة التحقيق في ما قامت به قوات وتارا التي تُتهم بارتكاب بعض الانتهاكات، معتبرةً أنه ما لم تتم محاكمة المسؤولين عن مثل هذه الفظاعات، فمن الصعب رؤية كيف سيكون الرئيس وتارا قادراً على تحقيق المصالحة التي يستحقها شعب ساحل العاج. هنود ضد الفساد "رياح الربيع العربي وصلت إلى آسيا على ما يبدو". بهذا التعبير استهلت صحيفة "لوتون" السويسرية افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء، والتي علقت فيها على صعود حركة شعبية مناهضة للفساد في الهند؛ حيث نزل الكثير من الشباب الهنود إلى الشوارع من أجل دعم ناشط متقدم في السن يدعى "أنا هازار" في معركته ضد الفساد وتفشي الرشوة، بل ضد كل الأحزاب السياسية، وذلك في إطار حركة شعبية سلمية أجبرت الحكومة على قبول كل مطالبها. وترى الصحيفة أنه مهما زعمت الهند أنها أكبر ديمقراطية في العالم، فإنها تظل مع ذلك موطناً لشراء الأصوات في الانتخابات، مقابل أجهزة تلفزيون بالألوان أحياناً، وحيث العديد من الإجراءات الإدارية تتم على نحو أحسن وأسرع باستعمال الرشى. هذه الظاهرة المعروفة، تفشت وبلغت حداً لا يطاق بين السكان، بل أضحت عائقاً أمام نمو الاقتصاد الهندي. لذلك، ثمة حاجة لجهود جبارة يساهم فيها الجميع من أجل وضع حد لممارسة الرشوة التي باتت شبه ممأسسة. وفي ختام افتتاحيتها، قالت الصحيفة إنه لا شيء يشير إلى أن التغيير سيكون سريعاً، اللهم إلا إذا تمكن الجيل الجديد (ستة هنود من أصل عشرة هم دون سن الثلاثين) من فرض نفسه ورغبته والمزاوجة بين النمو السريع لبلدهم وتغيير نموذج نموه. انتخابات البيرو صحيفة "ذا هيندو" الهندية أفردت افتتاحية عددها ليوم الأربعاء للتعليق على نتائج الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البيرو الأحد الماضي، انتخابات تركزت المنافسة فيها بين ممثل اليسار أولانتا هومالا، وهو ضابط سابق في الجيش يركز على مظاهر التفاوت الاجتماعي الكبير وتفشي الفساد، ومرشحة اليمين كيكو فوجيموري، ابنة الرئيس السلطوي الأسبق ألبيرتو فوجيموري الذي يقضي عقوبة بالسجن 25 عاماً لتورطه في فرق الموت والفساد. انتخابات سيتم اللجوء فيها إلى جولة ثانية بين المرشحين مطلع يونيو المقبل نظراً لعدم حصول أي منهما على الأغلبية المطلوبة لتحقيق فوز صريح من الجولة الأولى للانتخابات. وترى الصحيفة أنه رغم كون هومالا لم يحصل على نتيجة كافية تخوله الفوز بالشوط الأول، فإن التزاماته ووعوده الانتخابية، مثل ملكية الدولة للموارد الطبيعية، تنسجم مع مد ديمقراطي اجتماعي قوي يجتاح كل بلدان أميركا اللاتينية، حيث قامت ما لا يقل عن تسعة بلدان كبيرة في المنطقة بانتخاب زعماء من اليسار أو يسار الوسط منذ 1999، من تشافيز في فنزويلا إلى كيرشنر في الأرجنتين - وذلك رداً على الدمار السياسي والاقتصادي الذي تسببت فيه عقود من الديكتاتوريات اليمينية المستبدة وسياسياتها الاقتصادية التي كانت مفروضة من قبل المؤسسات المالية الدولية. إعداد: محمد وقيف