لعل الدكتور رضوان السيد وصّف الثورات الشعبية العربية الحالية توصيفاً دقيقاً؛ إذ شرح نموذجها العام قائلاً إنها غالباً ما تبدأ بالمطالب المعيشية؛ مثل الإسكان والتشغيل وتخفيض الأسعار، ثم تتطور إلى مطالب سياسية تتعلق بإلغاء الطوارئ وإصلاح نظام الحكم وتنظيم انتخابات ديمقراطية وتقليل صلاحيات الحاكم... وبعدها سرعان ما تنتقل إلى طور ثالث هو الدعوة إلى إسقاط نظام الحكم كله وخلع رأسه الأعلى والمطالبة بمحاكمة جميع رموزه دون استثناء. وهو بالفعل النموذج العام الذي لم يحد عنه تطور الأحداث إلى الآن في الدول العربية التي مستها عدوى الثورات، بدءاً من تونس وليس انتهاءً باليمن. لكن السؤال هو: هل كان بإمكان السلطة، أن تكبح هذا التطور الثوري السريع، وفي مرحلته الأولى بالاستجابة للمطالب المعيشية، فوراً وبكل عملية وجدية، حين رفعتها جماهير المحتجين؟ لا أعتقد أنه كان بإمكانها ذلك، بدليل أنه في عدة حالات أدت الاستجابة لبعض المطالب إلى فتح شهية الجماهير على مطالب أخرى أعلى سقفاً وأكثر جذرية! علاء محمود -القاهرة