دفعت حادثة تسمم 236 شخصاً نهاية الشهر الماضي، في أحد معسكرات العمال الواقعة بالمنطقة الغربية، بقضية السلامة الغذائية إلى السطح مرة أخرى بقوة. ورغم أن الحالة الصحية لجميع المصابين استقرت في الأيام القليلة التالية للحادث، وغادروا بصحة وسلامة من المستشفيات والمراكز الطبية التي تولت تقديم الرعاية لهم، دون وقوع أية وفيات، فإن جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية اتخذ قراراً بإغلاق الكامب الذي يمد شركات عمالية بوجبات غذائية، إلى حين إزالة أسباب المخالفات المتمثلة في ممارسة نشاط التموين الغذائي دون رخصة من الجهاز، وعدم الالتزام بالشروط الصحية. حيث توافرت أدلة تشير إلى حدوث تلوث بالبكتيريا، نتيجة الخلط بين المواد الغذائية المختلفة داخل البرادات، يضاف إلى ذلك عدم وجود تواريخ الإعداد والتجهيز على بعض المواد الغذائية داخل البراد والتي تتعرض للفساد السريع إذا تركت لفترة زمنية طويلة، بالإضافة إلى قائمة طويلة من المخالفات الأخرى. ويمكن تقسيم التسمم الغذائي إلى نوعين رئيسيين؛ نوع ينتج عن وجود ميكروب أو جرثومة في الغذاء، ونوع آخر ينتج بسبب وجود سموم في الغذاء، سواء كانت هذه السموم اصطناعية أم طبيعية أم ناتجة عن جراثيم وميكروبات. وهو ما يعني أن النوع الأول هو في حقيقته نوع من العدوى التي تتم عن طريق تناول غذاء ملوث بالميكروب أو الفيروس أو الطفيلي، تغزو على إثرها هذه الجراثيم الجسم عن طريق الجهاز الهضمي، لتسبب حزمة متنوعة من الأمراض المختلفة. أما النوع الثاني، فهو ببساطة نوع من التسمم تظهر فيه الأعراض والعلامات بسبب دخول كمية من السم إلى الجسم، فتسبب اضطراب أعضائه وأجهزته الحيوية. وهذا السم، إما أن يكون مادة كيميائية لوثت الغذاء بشكل مباشر، أو أن يكون ناتجاً من ميكروبات وجراثيم كانت تعيش على الغذاء الفاسد، ثم أنتجت سموماً كجزء من مخلفاتها الأيضية. ويمكن خفض احتمالات التعرض للتسمم الغذائي، أو الإصابة بأحد الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، من خلال اتباع النصائح التالية: 1- تأكد أن الأطعمة ذات المصدر الحيواني (اللحوم، الألبان، البيض)، قد تم طهيها بدرجة حرارة مرتفعة ولفترة كافية، ويمكن استخدام مقياس حرارة خاص بالطهي للتأكد من ذلك. 2- تجنب تناول اللحوم النيئة تماماً، مع ضرورة مراجعة تاريخ الصلاحية عند الشراء، وقبل الطهي والاستخدام. 3- إذا ما قدمت لك في مطعم وجبة تحتوي على لحوم غير مطهوة بشكل كاف، فردها، وأطلب إكمال طهيها، على أن توضع في طبق جديد غير الذي قدمت فيه خلال المرة الأولى. 4- اختر الأطعمة البحرية، وخصوصاً الأسماك والمحاريات، بدقة وعناية، للتأكد من كونها طازجة وغير فاسدة. 5- احرص على أن الدماء والسوائل التي تخرج من اللحوم النيئة، ومن الدواجن، والمحاريات، لن تختلط مع بقية الطعام. 6- لا تترك اللحوم، والبيض، والدواجن، والأطعمة البحرية، والحليب، لفترات طويلة خارج الثلاجة. 7- إذا كانت هناك فترة زمنية بين وقت تجهيز الطعام، وبين البدء في طهيه، فراع أن تكون هذه الفترة داخل الثلاجة، مع ضرورة وضع بقايا الطعام بعد الأكل داخل الثلاجة في أقرب وقت. 8- لابد من غسل اليدين، وألواح التقطيع، والسكاكين بشكل جيد، وباستخدام صابون مضاد للبكتيريا، بعد تجهيز اللحوم النيئة، والدواجن، والأطعمة البحرية، والبيض، وقبل البدء في تجهيز الأنواع الأخرى من الطعام. ويفضل عدم استخدام ألواح خشبية للتقطيع، لصعوبة تنظيفها بشكل جيد. 9- تجنب الألبان غير المبسترة، أو منتجات الألبان التي استخدم في تصنيعها حليب غير مبستر. 10- إذا أخرجت الطعام من الثلاجة لتذويبه، فلا تدعه خارجها بل ضعه داخلها حتى يذوب تماماً. وإذا ما ذاب الطعام تماماً، فلا تحاول إعادة تجميده مرة أخرى للاستخدام لاحقاً. 11- اغسل الفواكه والخضراوات بشكل جيد، ولفترة كافية، خصوصاً تلك التي لن يتم طهيها على النار. 12- تناول العصائر المبسترة، وتجنب العصائر الطازجة التي تباع في المحلات العامه. 13- إذا ما كنت ترغب في القيام بعملية تعليب أو تخليل للطعام داخل المنزل، فلابد من اتباع الإجراءات والإرشادات الخاصة بكل عملية بدقة. 14- إذا ما كنت مصاباً بالإسهال أو القيء، فامتنع عن تحضير وطهي الطعام للآخرين، خصوصاً الأطفال الرضع وكبار السن. 15- يعتبر حليب الأم المرضعة أكثر الأغذية آماناً للأطفال الرضع، ولذا تشكل الرضاعة الطبيعية أهم خط دفاع ضد الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، خصوصاً في الشهور الستة الأولى. تشكل هذه النصائح والإرشادات أهمية صحية هائلة، في ظل التقديرات الدولية التي تشير إلى أن عدد الوفيات بسبب الأمراض الناتجة عن تلوث الغذاء أو مياه الشرب، تزيد عن مليوني وفاة سنوياً. وحتى في الدول الصناعية الغنية، تشير الإحصائيات إلى إصابة 30 في المئة من سكان هذه الدول بالتسمم الغذائي كل عام. ففي الولايات المتحدة مثلاً، وخلال العام الواحد، يصاب 76 مليون أميركي بالتسمم الغذائي، ويتم حجز 325 ألفاً منهم في المستشفيات بسبب التدهور الشديد في حالتهم الصحية، ويفقد 5 آلاف منهم حياتهم بسبب وطأة المرض. وبخلاف مئات الآلاف من الوفيات التي تحدث سنوياً، يحمل التسمم الغذائي في طياته ثمناً اقتصادياً واجتماعياً هائلاً. فعلى سبيل المثال، تخسر الولايات المتحدة أكثر من 35 مليار دولار سنوياً، في شكل نفقات طبية تصرف على علاج حالات التسمم الغذائي بين سكانها، بالإضافة إلى الخسارة الناتجة عن فقدان الإنتاجية الاقتصادية بين المصابين خلال أيام المرض. د. أكمل عبدالحكيم