"مداواة بلا أدوية" هو عنوان لكتاب ألفه الطبيب المصري محمد المخزنجي، يقدم فيه مجموعة من النصائح للعلاج بعيداً عن الأدوية، ومن هذه العلاجات، الرياضة. وإذا ما زرت طبيباً تشتكي له أي مرض- ما عدا الكسور- فإنه يسألك عن علاقتك بالرياضة. واستغرب اتفاق كل الأطباء على التركيز على نصف ساعة مشي يومياً، لماذا لا يربطها بالمسافة! ومجتمع الإمارات من الدول التي يعاني موطنوها من أمراض "قلة الحركة"، وأبرزها السمنة و"القاتل الصامت"؛ السكري والقلب. والنسب المنشورة مقلقة وتدعو للأسف. الإمارات هي الثانية عالمياً في نسبة الإصابة بالسكري، إذ يمثل المصابون به 20 في المئة من عدد السكان. ونسبة المواطنين بينهم الربع أي 25 في المئة من عدد المصابين. وهذه النسبة مرشحة للارتفاع لأن هناك أطفالاً قابلين للإصابة نتيجة لتناول بعض الأطعمة التي تصيب بهذا المرض. وتذكر الأرقام أن الإمارات أنفقت عام 2009 فقط 300 مليون درهم لعلاج المصابين من أبنائها من مرض السكري، وهو ما يدعو للخوف. الأطباء يتفقون على أن علاج السكري يكون بالرياضة، وينصحون بزرع ثقافة الرياضة عند الأطفال واعتبارها وجبة يومية لا يجب الاستغناء عنها أو تجاهلها. بشكل عام هناك جهود تبذلها بلديات الدولة من أجل تخصيص "مماشٍ" خاصة بين البيوت لتشجيع الساكنين على ممارسة الرياضة. في أبوظبي والعين هناك ثورة رياضية لترغيب الناس في الرياضة بأرضيات خاصة ولمسافات مغرية. هناك مؤشرات مفرحة يمكن ملاحظتها في تلك الأماكن المخصصة؛ إذ تجد كبار السن وتجد عائلات، لكن تبقى النسبة غير مرضية بين المواطنين بما يوضح محدودية انتشار "العلاج بالرياضة". إذا أحصينا عدد المناسبات الرياضية غير الرسمية في الإمارات خلال السنة الواحدة سنجد أن أكثر من 12 مناسبة رياضية عالمية تنظم للجمهور في مختلف إمارات الدولة خلال الفترة من يناير إلى مايو من كل عام. أقصد هنا رياضة الجري "ماراثونات". وفي كثير من المرات يتم تنظيم أكثر من ماراثون في الإمارة الواحدة. وعادة ما ينظم الماراثون على مستويات مختلفة تبدأ بمسافات طويلة ( 42 كم ) ونصف ماراثون (21 كم) و10 كم وعائلي (3 كم)... بهدف مخاطبة جميع شرائح المجتمع وتشجيع الناس على المشاركة. الملفت في الأمر أننا نكتفي باستضافة تلك المناسبات دون المشاركة، رغم أن المشاركين فيها يأتون من كل دول العالم. فالعنصر الإماراتي غائب في جانب المشاركة وفي التنظيم على الأرض، وفي المشاهدة أيضاً، رغم حاجتنا لزرع ثقافة الرياضة للتخلص من أمراض الرفاهية، وهو وما يحز في النفس. وأعتقد أنه إذا طالبنا المدارس والمؤسسات الرياضية والصحية وغيرها من الجهات ذات الاختصاص وكذلك الرياضيين على المستوى الشخصي... بالمشاركة في هذه المناسبات، فلا يعني أننا لا نقدر جهودهم. الوضع الصحي العام في الإمارات يحتاج إلى جهود مضاعفة من الجميع، وإلى إشراك المواطنين، وتحديداً الأطفال، لتشجيعهم على ممارسة الرياضة، خاصة الجري والمشي. أعتقد أن هذه المناسبات (الماراثونات) عامل مساعد على زراعة ثقافة الرياضة ولابد من استغلالها من أجل تحريك الجسم للوقاية من الأمراض الناتجة من قلة الرياضة، قبل أن يجبرنا الطبيب على ممارستها!