أصدر "مصرف الإمارات المركزيّ" مؤخراً مجموعة من الإحصاءات الحديثة، التي أظهرت تحسّناً ملحوظاً في مجموعة من مؤشرات أداء القطاع المصرفيّ الوطنيّ في عام 2010، والتي لم تقتصر على الأداء الكميّ للقطاع، كزيادة الحجم الإجمالي للقروض الممنوحة للأفراد والمستثمرين والمؤسسات فقط، ولكن اشتملت هذه المؤشرات على مظاهر للتحسّن النوعيّ في أداء القطاع أيضاً، ودللت على أن القطاع المصرفي الإماراتي قد بدأ في العودة التدريجيّة إلى ممارسة دوره كمصدر رئيسي لتمويل الأنشطة الاقتصاديّة بمختلف أنواعها، كما أنه بدا أكثر إقبالاً على القطاعات الاقتصادية الأكثر تضرّراً من "الأزمة المالية العالمية"، والتي لم تكن على درجة كبيرة من الجاذبية بالنسبة إليه على مدار الفترة المنقضية من عمر الأزمة. وتضمّنت مؤشرات تحسن أداء القطاع المصرفي الإماراتي في عام 2010 نمواً ملحوظاً في حجم كلٍّ من أصول القطاع، ورؤوس الأموال، والودائع المصرفية، وكذا حجم الائتمان الممنوح، وإن كانت القروض الممنوحة للمؤسسات الحكوميّة، والقروض الشخصيّة الممنوحة للأفراد، قد استحوذت على النصيب الأكبر من إجمالي الزيادة في نشاط الإقراض المصرفي في الدولة. وفي ما يتعلق بمؤشرات التحسّن النوعيّ في أداء القطاع، فقد شهد عام 2010 تحسّناً في حجم القروض الممنوحة للقطاع العقاري، ذلك القطاع الذي شهد تراجعاً ملحوظاً في مستوى إقبال المصارف خلال العامين الماضيين. وتشير هذه المؤشرات في عمومها، وعلى الخصوص في ظل مجيئها في إطار اتجاه عام للتحسّن يشهده أداء القطاع المصرفي الإماراتي منذ فترة ليست بالقصيرة، إلى أن المصارف العاملة في الدولة قد بدأت بشكل تدريجيّ في العودة إلى ممارسة أنشطتها ودورها الرئيسي كممول للأنشطة الاقتصاديّة في الدولة، وأنها استطاعت على مدار الفترة الماضية أن تتخلّص شيئاً فشيئاً من المخاوف التي كانت تحيط بالائتمان الممنوح للقطاعات الأكثر تضرّراً من الأزمة، وعلى رأسها القطاع العقاري، الذي استقبل قروضاً في عام 2010 تزيد على القروض التي منحت له في عام 2009 بنحو 15 في المئة، وهي نسبة كبيرة، ما يعطي انطباعاً بأن المصارف قد استعادت نسبة لا بأس بها من ثقتها بالاستثمار في القطاع العقاريّ، خاصة أن هذا القطاع، في ما يبدو، قد تمكّن من عبور المرحلة الأسوأ من الأزمة، متخلّصاً من بعض الهواجس التي أحاطت به على مدار السنتين الماضيتين، والتي لم تكن مقصورة على دولة الإمارات بمفردها، لكنها اتّسمت بالصيغة العامة في عدد غير قليل من الدول حول العالم. ويمكن قراءة بعض الدلالات المهمّة للتطوّرات التي شهدها أداء القطاع المصرفي الإماراتي في عام 2010، فنمو الودائع المصرفيّة لدى هذا القطاع يدل على احتفاظ الأفراد بقدرتهم على الادّخار، علاوة على ثقتهم بمؤسسات القطاع المصرفيّ، ما حفزهم على إيداع المزيد من تلك المدخرات لديه، كما يدل هذا المؤشر على تحسّن عوائد قطاع الأعمال والقطاع الحكومي، ما أعطى الفرصة لإيداع جزء إضافي من هذه العوائد لدى المصارف. ويدلّ النمو في قيمة الائتمان المصرفي، الذي شهده ذلك العام، على أن هناك توسّعاً في أحجام الأعمال والأنشطة الاقتصادية، وكذا الطلب الكليّ في الدولة، ما يوحي بأن الاقتصاد الوطنيّ اكتسب المزيد من الزخم والقدرة على النمو الذي لن يظهر أثره في الحاضر فقط، ولكن سيمتدّ إلى المستقبل أيضاً. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية