من مبادئ الطب العربي القديم أن "قياس الأبدان فاسد"، لما يترتب على تباين طبائعها وتكوينها ونمط عيشها وتاريخها المرضي، من اختلاف في طريقة استجابتها للدواء ومن ثم تماثلها للشفاء أو الاعتلال... وأعتقد أن الأمر ينطبق على المجتمعات أيضاً، لاسيما إذا اختلفت في تجاربها التاريخية وبناها الاجتماعية والإنتاجية وأنماط تنظيمها على شتى الصعد. ومن أجل ذلك أقول إن الدعوة في بعض المجتمعات العربية لتنظيم احتجاجات مماثلة لما شهدته تونس ومصر، قد لا تكون موضوعية بالضرورة أو متسقة مع حقائق الواقع واحتياجاته الفعلية، لأن الواقع التونسي هو واقع تونس وحدها ولا يمكن إسقاطه على بلد عربي آخر مختلف عنها، وكذلك الأمر بالنسبة لمصر. فالدعوات من ذلك القبيل هي إذن أقرب إلى هواية التقليد والمحاكاة من غير داع، مع ما تنطوي عليه من خطر قد لا يقدر بعض المتحمسين عواقبه ونهاياته الوخيمة. عيسى عبده -الكويت