تثير الاحتجاجات الحالية في ليبيا، والتي تحولت إلى حرب بين قوات القذافي والقوات الموالية للثورة، تساؤلات حائرة كثيرة، لاسيما لجهة التذبذب الحاصل في ميزان السيطرة بين الطرفين. ففي الأيام الأولى تقدم الثوار بسرعة ملحوظة واستطاعوا فرض سيطرتهم على العديد من مدن وبلدات الشرق الليبي، ثم رد القذافي بهجوم كاسح مكنه من استعادة السيطرة على أكثرها وإجبار الثوار على الانكفاء نحو بنغازي. لكن مع بدء الهجوم الجوي لقوات التحالف الدولي، بدا كما لو أن قوات القذافي أصاب التفكك صفوفها وأن خطوط امدادها تقطعت ونظام اتصالاتها تعطل عن العمل، فكان ذلك عاملاً أساسياً مكن الثوار من استعادة زمام المبادرة إلى حد كبير؛ فشنوا هجوماً اكتسحوا خلاله كل المدن الشرقية وصولاً إلى مشارف مدينة سرت في الوسط... لكن سرعان ما اتضح أن قوات القذافي لم تزل قادرة على المبادرة والمباغتة؛ إذ شنت هجوماً فاجأ الجميع ومدت سيطرتها إلى أبعد نقطة تقهقرت عندها من قبل وهي مدينة البريقة في الشرق. لكن المحير هو أن الهجوم الجديد لكتائب القذافي جاء في ظل الهجمة الجوية للقوات الدولية بقيادة "الناتو"! سالم محمود -تونس