في الوقت الذي حققت فيه باكستان مكاسب مهمة في تعميق الديمقراطية التي عمل أهلها بجد لتحقيقها أثناء الانتخابات العامة عام 2008، ما زالت المؤسسات الديمقراطية تتطلب إصلاحات جادة حتى يتسنى تمكين المواطنين وضمان حكم مدني مستدام. وقد يكون الأمر الأهم أن الانتخابات الحكومية المحلية لم تحصل بعد منذ عام 2005، وما زال نظام الحكم المحلي متحركاً. وكانت المحافظات بطيئة في إعداد التشريعات الجديدة للحكم المحلي والانتخابات المحلية. وتشكل هذه قضايا ملّحة بالنسبة للمنجزات الباكستانية البارزة في الديمقراطية. باكستان جمهورية فيدرالية تضم أربع محافظات: السند والبنجاب وبلوشستان وخيبر باختونخوا، وهي مقسمة إلى 111 مقاطعة و397 بلدة (وحدات إدارية متوسطة) و644 اتحاداً، وهو المستوى الأقل في الحكم، حيث يشكل كل اتحاد عدداً من القرى. استحقت انتخابات الحكومات المحلية عام 2009، إلا أنه بعد الانتخابات العامة عام 2008، قررت الحكومات الإقليمية تأجيل الانتخابات المحلية حتى يتسنى لها تعديل نظام الحكم المحلي. يُفكر بعض أعضاء التحالفات الإقليمية الحكومية في البنجاب و"خيبر باختونخوا" في تغيير هيكل الحكم بشكل كامل، ويرغب آخرون مثل حزب"حركة كوامي متحدة" في تحالف حكومة السند بالإبقاء على النظام القائم منذ عام 2001. وتشكل العمليات الإصلاحية هذه فرصة لصياغة ترتيبات جديدة تتعلق بالانتخابات تتوافق مع التعديل الثامن عشر للدستور، الذي يحدد سلطات الرئيس ويعطي مؤسسات أخرى استقلالية أوسع، واعتماد يونيو 2010 للميثاق العالمي للحقوق المدنية والسياسية، وهي معاهدة نظمتها الأمم المتحدة تلزم الموقعين عليها بضمان الحقوق السياسية والمدنية للأفراد. حتى هذا التاريخ، لم يتم تطبيق هذه التعديلات. النتيجة هي عدم وجود تواريخ مؤكدة للانتخابات المحلية. فبدلاً من ممثلين عن الشعب يديرون الحكومات المحلية، يجري اتخاذ القرارات من قبل إدارة بيروقراطية مدنية مؤقتة. لا يمكن لهذا الأمر أن يستمر، فهو ينزع حقوق المواطنين باللجوء إلى أعضاء المجلس المحلي ورؤساء البلديات لإيصال الخدمات الاجتماعية الأساسية وتوفير مساءلة سياسية محلية. يمثل انعدام المساءلة هذا وغياب مشاركة المواطن على المستوى المحلي تهديداً خطيراً للديمقراطية الباكستانية. ولا يعني هذا أن نظام الحكومة السابق المحلي كان بالضرورة جيداً، فقد تم انتقاده بحق لأنه كان يتعلق بتجميع السلطة، وأنه صُمم لخدمة وإفادة الأنظمة العسكرية المختلفة. قام كل من الحكام العسكريين في تاريخ باكستان بإنشاء أنظمة حكومية محلية منتخبة ساعدت على تكثيف قاعدة سلطته. بالمقابل، اختار ذو الفقار علي بوتو، رئيس الوزراء المدني من سنة 1973 وحتى 1977 أن يعين بيروقراطيين محليين كموظفي دولة لإدارة الشؤون المحلية. ولم تعمل حكومات رؤساء الوزراء بناظير بوتو ونواز شريف، بين السنوات 1988 و1999 على إحياء الحكومات المحلية المنتخبة كذلك. ويناقش كثيرون أن ذلك تم لمنع ظهور سلطة سياسية على مستوى الجذور، وبالتالي الاستمرار في التأثير الوطني والإقليمي الذي لا منازع له على السياسات على المستوى المحلي. تعتبر عملية الإصلاح الحكومي والإعداد للانتخابات بطيئة ومضنية. وقد قيل إن الحكومات الإقليمية تعمل على تأخير عقد الانتخابات المحلية حتى يتسنى تجنب اختبار سلطتها السياسية في منتصف فترتها في الحكم، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار التحديات التي تواجه اقتصاداً مكافحاً وانعدام الأمن وعملية إعادة الإعمار بعد الفيضانات. إلا أنه يمكن للحكومات المحلية المنتخبة أن تشكّل عامل استقرار للدولة، تؤسس لعملية المساءلة في الحكم وتزيد من ثقافة المشاركة. طالما كانت عملية إصلاح الحكومة المحلية مدفوعة منذ عام 2009 من قبل السلطات التنفيذية الإقليمية. وقد لعبت التجمعات الإقليمية دوراً يكاد يكون معدوماً في تطوير السياسات أو التشريعات. وقد تكون اللجان التشريعية المسؤولة عن الحكومات المحلية موجودة ولكنها مهمّشة. وستكون إحدى النواحي المهمة بشكل خاص للإطار القانوني الجديد في الحكم المحلّي هي القوانين الانتخابية، وهي قضية حساسة إلى درجة كبيرة تحتاج إلى دعم سياسي واسع القاعدة إذا أريد للقوانين أن يتم قبولها كشرعية من قبل جميع القوى السياسية. وحسب الجماعات المحلية والعالمية التي تعمل على الإصلاح الانتخابي في باكستان، فإن بعض القضايا المهمة التي يجب التعامل معها (دون الاقتصار عليها) تشمل متطلبات الترشح وشروط تحديد المناطق الانتخابية ومشاركة الأحزاب السياسية. جيفري ويشلبوم- المدير المشارك لمنظمة الإبلاغ في الديمقراطية الدولية DRI كاترين فيتوم- مديرة المكتب الخاص بباكستان في المنظمة ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"