من الجمل التي نسمعها كثيراً في العالم العربي عند بروز أول تحدٍ فعلي للحكومة في بعض الدول العربية، هي عبارة أن ما حدث إنما هو تحقيق لأجندة خارجية، لها أهداف خطرة على المجتمع. ويبدو لي أن عبارة الأجندة الخارجية هي كلمة حق أريد بها باطل، وهي من الحركات الهروبية، التي تقوم بها النفس البشرية، في حالة العجز عن مواجهة التحديات المحيطة بالإنسان، دعوني أسوق لكم هذا المثل عند الأطفال، وكيف يستخدم اليوم من قبل بعض الحكومات التي ثار عليها شعبها. في المدارس كثيراً ما يُسقطُ الأطفال سبب فشلهم على المعلمين، ولو سألت الطفل نفسه عن عدد الناجحين من حوله لقال لك إنهم كثر، لكن المعلم لأسباب خفية تعمد ترسيبي، كلام لا يقبله عاقل، لأن الأصل أن المعلم لا يفرق بين التلاميذ. ومن هنا نضحك نحن ككبار على الأطفال عندما يسقطون فشلهم على غيرهم، وحتى بعض الكبار يتحجج في بعض الأوقات بنفس الأسلوب، فالموظف الذي لا ينال ترقية يبحث من حوله عن سبب، ونادراً ما يقول إنه هو سر هذا الفشل. هذا الأسلوب استخدمه بعض زعماء العرب حديثاً، عندما هاجت من حولهم شعوبهم طالبة الحرية والتنمية، فسمعنا كلمات تلخص في الأجندة الخارجية، ولعل أول مشاريع الأجندة الخارجية هي "القاعدة"، التي أرهبت العالم من حولنا، وفجرت ونسفت وحطمت، لذلك تجد أن بعض زعماء العرب قال لقومه إن ما يجري في بلده، هو محاولة من "القاعدة" للسيطرة على البلد، ومن ثم الهجوم على أوروبا والعالم ، أليس هذا تفكيراً سخيفاً يضحك منه العقلاء؟، لا يؤيد أحد ما قامت به "القاعدة" في العالم من جرائم، ولكن لا ينبغي أن تكون "القاعدة" شماعة الفشل الداخلي. التهمة الثانية في سلسلة الأجندة الخارجية أن البلد يُراد لها أن تنقسم وتشتبك في حرب أهلية، فلولا ذلك الزعيم لما توحدت الدولة، فإنذار يوجه إلى الناس كافة أن ما ينتظركم بعد هذا الزعيم أن رحل أمن مفقود وحرب ضروس تأكل الأخضر واليابس، وقد رأينا أن الشعوب العربية التي تحررت من الاستبداد كانت على قدر المسؤولية فحفظ الأمن الأمان، وبدأت حركة التنمية الفعلية التي كان الناس في انتظارها، بل تبين وفق التحقيقات أن أجهزة ذلك الزعيم، هي من كانت تلعب بالوحدة الوطنية، وتؤجج الفتن الطائفية كي يخاف الجار من أخيه الذي يختلف معه ربما في اللون أو العقيدة أوالأصل. الأجندة الخارجية الثالثة التي تستخدم اليوم، هي الخوف من عودة المستعمر، وقد سمعنا في الإعلام من يقول إن دول الغرب تتأهب لاحتلال بعض الدول العربية. والمضحك المبكي أن بعض العرب يحلم حقيقة بأن يستعمر على أن يعيش في سجن الطاغية، الذي لا يريد الرحيل من قريب ولا بعيد، فمن أوصل الإنسان العربي الحر إلى تلك الدرجة من التفكير هل هي الأجندة الخارجية أم الفوضى الداخلية؟. الأجندة الخارجية تحوي الكثير الذي لا أستطيع أن أسطره في هذا المقال، وهي في حقيقتها وهم وإسقاط نفسي تدل على شخصية مضطربة مريضة لا تسحق أن تقود نفسها فكيف تقود شعبها، العقلاء فقط هم الذين أصلحوا الأجندة الداخلية، بدلاً من التخويف بالأجندة الخارجية.