ليبيا اختبار لـ"عقيدة أوباما"...وسجال متواصل حول الطاقة هل باتت ليبيا امتحاناً لسياسة أوباما الخارجية؟ وهل يغير جون كيري موقفه من سوريا بعد التطورات التي شهدتها خلال الآونة الأخيرة؟ وإلى أي منعطف وصل السجال الحزبي حول الطاقة؟ وماذا عن آخر بيانات البطالة؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. اختبار لأوباما في افتتاحيتها المنشورة يوم الثلاثاء الماضي، وتحت عنوان "اختبار لعقيدة أوباما"، رأت "كريستيان ساينس مونيتور"، أن الرئيس الأميركي كان واضحاً وحاسماً في خطابه بشأن ليبيا، لكن هذا لا يعني أن القادم سهل، فالعقيدة التي يتبناها أوباما والرامية إلى وضع مزيد من المسؤولية للتحالف الدولي، قد تنطوي على بعض المخاطر... وحسب الصحيفة، فإن الولايات المتحدة، لن تذهب بعيداً في المسألة الليبية، بحيث تقوم بتغيير نظام القذافي بالقوة العسكرية، فليبيا لا تشكل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة، كما أنه- حسب أوباما- لا يمكن تكرار ما جرى في العراق داخل ليبيا، فخلال السنوات الثماني الماضية، تم إنفاق مبالغ طائلة على الحرب العراقية، ناهيك عما تبعها من خسائر بشرية. أميركا ستلعب دوراً محدوداً في عملية عسكرية يقودها "الناتو" لحماية الشعب الليبي، في الوقت الذي يتم التعاون فيه مع حلفاء واشنطن لإخراج القذافي من السلطة بوسائل غير عسكرية، ويبدو أن هذا السيناريو كان المحور الرئيس لاجتماع لندن الذي انعقد الثلاثاء الماضي. الأميركيون الآن يشهدون الاختبار الحقيقي الأول لعقيدة أوباما المتمثلة في اللجوء إلى عملية عسكرية متعددة الأطراف من خلالها تنقل واشنطن جزءاً كبيراً من العبء الواقع على عاتقها لدول أخرى، خاصة عندما لا يكون الأمن الأميركي مهدداً. الصحيفة ترى أن هذه المقاربة ستضعف الدور الأميركي، وربما لن تؤدي إلى الإطاحة بالقذافي. الحديث عن بناء تحالفات ليس بالجديد، فجورج بوش الابن، دشّن تحالفاً للإرادات، في 2003 لغزو العراق والإطاحة بصدام حسين، وبالطريقة نفسها شكّل بوش الأب تحالفاً دولياً لطرد القوات العراقية من الكويت عام 1991. وبما أن "الناتو" قد أصبح يقود العمليات ضد ليبيا، فإن توزيع الأعباء على الحلفاء بات له مميزات منها: تكلفة أقل بالنسبة للولايات المتحدة، ونسبة أكبر من المشاركة في المخاطر، ودرجة أقل من الزهو الأميركي علماً بأن هذا الأخير يعد أحد أسباب الاستياء من واشنطن في كثير من بلدان العالم. من ناحية أخرى، إذا تركت واشنطن التحالف، فمن سيحل محلها؟ فالقيادة من خلال ائتلاف أو لجنة قد يعني تجنب الخيارات الصعبة، أو حالة اللاقرار. وعن ليبيا أيضاً، خصصت "لوس أنجلوس تايمز"، افتتاحيتها الثلاثاء الماضي، فتحت عنوان "الرئيس يعزز موقفه تجاه ليبيا"، قالت الصحيفة إن الفترة التي سبقت خطاب أوباما الاثنين الماضي تجاه ليبيا، حملت ثلاثة تساؤلات: لماذا اختارت الولايات المتحدة وحلفاؤها التدخل في ليبيا، علما بوجود مناطق أخرى في العالم يتعرض فيها المدنيون للخطر؟ وهل المهمة صممت لوضع حد لمعاناة المدنيين، أم للإطاحة بالقذافي؟ وما هي السرعة التي يتعين على الولايات المتحدة النأي بنفسها عن التدخل في الأزمة الليبية؟ لكن أوباما لم يقدم إجابات مقنعة على هذه التساؤلات. فهو على سبيل المثال، تطرق إلى الفظاعات التي ارتكبها نظام القذافي سواء القتل المستهدف للأشخاص، والهجوم على المستشفيات وسيارات الإسعاف، لكنه لم يوضح بالشكل الكافي لماذا تستخدم أميركا وحلفاؤها القوة في ليبيا، وليس في غيرها من الدول خاصة التي تقمع شعوبها. أوباما تحدث عن أزمة إنسانية نادرة في ليبيا، لكنه لم يتحدث عن مجاذر أو فظاعات تختلف عن تلك التي تشهدها البلدان التي تنشب فيها حروب أهلية، ومن ثم ترك الرئيس الأميركي تساؤلات لدى الأميركيين حول مدى تطابق مهمة بلاده في ليبيا مع أهداف السياسة الخارجية الأميركية. التغيير الحقيقي تحت عنوان "هل يصبح ديكتاتور سوريا مصلحاً؟"، نشرت "واشنطن بوست" يوم الأربعاء الماضي افتتاحية، استهلتها بالعبارة التالية: "كثير من أعضاء الكونجرس المنتمين إلى كلا الحزبين، والذين ذهبوا إلى سوريا في الشهور الماضية يعتقدون أن الرئيس السوري إصلاحياً"...هذا الكلام قالته وزيرة الخارجية الأميركية في معرض إجابتها على سؤال بشأن سوريا مطلع الأسبوع الماضي، تضمن أن الأسد هو آخر رئيس عربي يطلق النار على أبناء شعبه الذين يطالبون بتغيير ديمقراطي. وحسب الصحيفة، فإنه في الوقت الذي كانت تتحدث هيلاري عن سوريا، لقي أكثر من 60 سورياً مصرعهم على يد عناصر الأمن. الكلام الذي نوهت إليه وزيرة الخارجية الأميركية يعكس تفكيراً رغبوياً ينطوي على تصور من إدارة أوباما ومؤيدوها داخل الكونجرس مفاده: أن الأسد، وعلى رغم تحالفه مع إيران يمكن أن يصبح حليفاً للغرب. وتشير الصحيفة إلى أن السيناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الذي زار الرئيس السوري عدة مرات، خلال العامين الماضيين لديه قناعة بأن ثمة فرصة لوجود علاقات مختلفة مع سوريا. وترى الصحيفة أن الأقلية العلوية التي تمثل 6 في المئة فقط من سكان سوريا، سرعان ما ستفقد السلطة في ظل نظام أكثر ديمقراطية. وترى الصحيفة أن الأسد- مثل مبارك- ربما يسعى لمراوغة المطالب الرامية إلى التغيير، بمزيد من العنف والوعود الزائفة، وإذا كان الأمر كذلك، فإن على إدارة أوباما و السيناتور كيري وغيره من تواصلوا مع الأسد الاستعداد للاستجابة من خلال الوقوف إلى جوار من يسعون لتغيير حقيقي في سوريا. استراتيجية نفطية في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان "رؤية أوباما لقضية الطاقة"، رأت "نيويورك تايمز" أن "الجمهوريين" داخل الكونجرس لديهم تجاه الطاقة رؤية مختلفة عن تلك الموجودة لدى الرئيىس الأميركي. أوباما لا يزال يذكر الأميركيين بأن التخطيط لمستقبل يعتمد على الطاقة النظيفة، ليس مجرد حلم، فأميركا تستطيع تقليص اعتمادها على النفط الخارجي، لكن "الجمهوريين" يذكرون الأميركيين بمدى صعوبة الوصول لهذا الخيار. أوباما كغيره من الرؤساء الأميركيين ينتقد اعتماد بلاده على النفط المستورد، لكنه يشير إلى عدم وجود إصلاحات سريعة في هذا المجال، قائلاً إن بلداً يمتلك 2 في المئة فقط من الاحتياطيات النفطية، لا يستطيع أن يتلمس طريقه إلى الاكتفاء الذاتي من النفط. ومع ذلك وضع الرئيس الأميركي استراتيجية لتخفيف واردات بلاده من النفط إلى الثلث، بحلول عام 2025، على أن يتم ذلك جزئياً من خلال زيادة الإنتاج المحلي للخام، وبإنتاج سيارات أكثر كفاءة في استخدام الوقود، والمضي قدماً في سياسة إنتاج الوقود الحيوي، بحيث ينتقل من معامل الأبحاث إلى الإنتاج الموجه للأسواق. وحسب الصحيفة من الصعب تحقيق هذه الأهداف، خاصة أن هناك مشروع قرار في مجلس النواب الذي يسيطر عليه "الجمهوريون"، لنزع صلاحيات وكالة حماية البيئة الخاصة بشأن القواعد المنظمة للانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري الصادرة من المركبات والمنشآت، علماً بأن هذه الصلاحيات أقرتها المحكمة الأميركية العليا. كما توجد ثلاثة قرارات أخرى، يطرحها النائب "الجمهوري" دوك هاستنجس الذي يترأس لجنة الموارد الطبيعية في مجلس النواب. وهي قرارات من شأنها إعادة النظر في القواعد الحاكمة للتنقيب عن لنفط في السواحل الأميركية، والتي تم تفعيلها بعد التسرب النفطي في خليج المكسيك، وهذا قد يفتح الباب على مصراعيه للتنقيب في سواحل المحيطين الأطلسي والهادي والمناطق القطبية. تراجع البطالة في تقريره بـ"لوس أنجلوس تايمز" المنشور أمس، لفت "جيم بوزنجيرا" الانتباه إلى تراجع نسبة البطالة في الولايات المتحدة إلى 8.8 في المئة حسب إحصاءات مارس المنصرم، وذلك بعد أن تم توفير 218 ألف وظيفة . هذه النسبة تعد الأقل خلال عامين. إعداد: طه حسيب